في عدد التعليقات «المعلوماتية» التي وصلتني لم ينافس مقال عن المدارس الأهلية في السعودية سوى آخر تطرق الى أحوال المؤسسة العامة للتعليم الفني والتقني. لنترك الأخيرة الآن بخاصة بعدما قام عضو مجلس الشورى المحترم الدكتور راشد الكثيري، مطالباً بإصلاح أوضاعها وتصحيح اتجاهها. دعونا نركز على الأولى مع اجتماعات وملاحق إعلانية أبرزت دور «المدارس الأهلية» في عملية «تطويع» التعليم الطموحة والرائدة في كل ما من شأنه رقي فلذات أكباد القادرين وحصولهم على المعدلات المناسبة لعملية التنمية المستدامة المتزامنة مع الشفافية والحوكمة في بلادنا الطاهرة. ركز معظم القراء على «العقد» الذي يحكم العلاقة بين المدرسة الأهلية والمعلم أو المعلمة، ليصلني أكثر من نموذج عقد لمدرسة أهلية، هي في الحقيقة عقود إذعان وسخرة، تستغل حاجة فتيات وسيدات إلى العمل. شهادات وانتظار الوظيفة الحكومية مع حاجة المعيشة وفرت البيئة المناسبة للاستغلال، ولم يتحرك أحد. وزارة التربية والتعليم تجيد إقامة الندوات مع المدارس الأهلية، عن الآفاق والمستقبليات... وكل الكلام المطاط. الندوات وما في حكمها فضاء رحب للدعاية والترابط مع الرسمي من دون التزامات تذكر، واذا تفحصت تلك العقود تجد ان اوراقها سودت بحقوق الطرف الأول وصلاحيات له لا حد لها، في مقابل مبلغ زهيد، لم يعد هناك حاجة لدفعه من صاحب العمل مع وجود موازنة في صندوق الموارد البشرية. اذا اردت نموذجاً لجهة تساعد على عدم تحقيق أهدافها، أمامك وزارة التربية والتعليم في تعاملها الصامت مع التوظيف والرسوم في المدارس الأهلية. يد عاملة رخيصة مع آفاق رحبة لرفع الرسوم كل عام، وإعانات حكومية، معادلة تغني عن اي دراسة جدوى اقتصادية، فإذا اضيف اليها إمكان الاستفادة من صندوق الموارد البشرية بتوقيع مذكرات يصبح الاستثمار أفضل من طرح شركة للاكتتاب بسوق الأسهم السعودية، وهو أفضل استثمار في العالم لمن يتمكن منه. ارتفعت أصوات ضد إشاعات عمل السعوديات خادمات، وبعضها لرسميين، لكن العمل في مدارس أهلية أسوأ من عمل الخادمات، أقلها لا يذهب الراتب ثمناً للمواصلات. في مقابل الصمت الرسمي من وزارتي التربية والعمل، تنشط الغرف التجارية في فتح آفاق الأيدي العاملة الرخيصة «لديها كنز من البطالة وحق المرأة في العمل!»، آخرها بحث عمل المرأة في محال النظارات والصيدليات! والغرف لها سلطة على المدارس الأهلية، فلماذا لم تصلح أحوال موظفيها وتحافظ على حقوقهم بدلاً من القفز إلى الأمام في الهواء. الحقيقة ان الغرف تبحث عن مصالح منسوبيها مع اهداف واضحة، هي أسرع استجابة وأداء وأكثر حرفنة، لا أخفي إعجاباً بها، فهي تفرض واقعاً يستفيد منه منسوبوها لتتورط فيه جهات حكومية وتمضي السنوات في وضع الاستراتيجيات. www.asuwayed.com