حذر علماء من أن سلالة جديدة لمرض الطاعون الذي أودى بحياة ربع سكان قارة أوروبا في القرن ال 14 الميلادي، قد تعود إلى الظهور في عصرنا الحالي من دون أي تحذير. وعلى رغم تطور وسائل الطب الحديث التي يمكنها مواجهة «الموت الأسود»، إلا أن سهولة تنقل الناس من مكان إلى آخر حول العالم سيجعل وقف انتشار المرض أكثر صعوبة. وكان الاعتقاد السائد حتى وقت قريب هو أن الفيروس المسبب للطاعون انتقل من القوارض إلى الإنسان مرة واحدة بواسطة حشرة، وأصبح الآن تحت السيطرة، على رغم أن مدغشقر كانت أعلنت حال الطوارئ قبل ثلاثة أعوام، بعد اكتشافها حالات مصابة بالطاعون، توفي أكثر من 60 منها. ولكن تحليلاً حديثاً للحشرة الناقلة للمرض، والتي وجدت بين أسنان ضحايا الطاعون في القرن السادس الميلادي، أوضح أن السلالة الجينية للفيروس أصابت الحشرة مرتين على الأقل. ووفقاً لدراسة أعدها أستاذ علم الوراثة الميكروبية البروفيسور ديفد فاغنر وفريق من العلماء من جامعة «أريزونا الشمالية»، فإن كل أوبئة الطاعون التي شهدها العالم، سببها فيروس يحمل الشيفرة الوراثية نفسها، وإن اختلفت تسمياته عبر العصور. وأوضحوا أن انتشاره من جديد أمر وارد، بل هو مسألة وقت ليس إلا. ونبهت الدراسة إلى أن هناك حوالى 200 نوع من القوارض يعيش بين البشر اليوم، ويمكنه في أي لحظة أن يتسبب في انتقال الفيروس من جديد. وأفاد العالم هندريك بيونار أن المرض يصل إلى الانسان بواسطة البراغيث والذباب اللتي تنقله من الجرذان، وهو ما استعد له الطب باختراع مضادات حيوية يمكنها أن تعالج الفيروس في بداياته. ونقلت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية عن بيونار قوله ان «الأبحاث التي تم إجراؤها عن مرض الطاعون تقودنا إلى طرح أسئلة كثيرة عن طريقة انتشار هذا المرض، فعلى سبيل المثال، كيف انتهى الأمر بفيروس قضى على نحو 100 مليون شخص، إلى أن يختفي تماماً؟». وذكر أن إحدى الاحتمالات هو أن تطور البشر على مر السنوات جعلهم أكثر قدرة على التصدي للبكتيريا أو التعايش معها، ما قلل من آثار الطاعون، كما أن الفيروس المسبب للمرض ربما لم يتحمل العيش مع التغيرات المستمرة في الطقس. وأشار إلى توفر المضادات الحيوية التي يمكن استخدامها لعلاج الطاعون، ما يقلل من فرص انتشار الوباء على نطاق واسع. ولكنه حذر من أن الفيروس إذا وصل إلى الرئتين فسيكون قادراً على الانتقال من طريق الهواء، ما سيسرع انتشار المرض ويُصّعب مهمة محاصرته والقضاء عليه سريعاً.