أكد عقاريون أن السوق السعودية لم تتهيأ بالصورة المطلوبة لاستقبال نظام الرهن العقاري، حتى إن الجهات المعنية بالأمر كان بإمكانها أن تقوم بحملة توعية بالنظام الجديد لقطاع البنوك والعقار والمواطنين، مشيرين إلى أن الجميع يعلم بوجود إيجابيات وسلبيات للنظام، إلا أنهم غير ملمين بها وبآثارها. وأوضح العقاري محمد الفرج أن تباين وجهات النظر حول نظام الرهن العقاري في السعودية «ليس في شأن إقراره من عدمه، بل في التفاصيل التي يحملها والآثار المترتبة عليه، والتي لا يمكن التغاضي عنها أو إغفالها، بحجة أن الزمن كفيل بعلاجها وعلاج آثارها، أو حتى الموافقة على أن الأنظمة الإلحاقية ستعالج أي قصور يحدث». وأضاف «أن نظام الرهن العقاري ليس جديداً بل هو قديم جداً، ولدى معظم دول العالم تجارب كبيرة وواسعة في تطبيقه، لذلك من المناسب أن تتم الاستفادة من هذه التجارب للخروج بنظام يحتوي على أقل الأضرار، بدل البداية الفضفاضة ومن ثم معالجة آثاره». وأوضح أن آلاف الدراسات والبحوث موجودة في موضوع الرهن العقاري في مختلف مكتبات العالم ويمكن الاستفادة منها: «أعتقد أن العاملين على إخراج هذا النظام لم يغفلوا هذا الجانب، وحتى التفاصيل البسيطة، وإنما الحديث هنا عن المزيد من الحذر، والتوعية المكثفة التي تحمي المواطنين من أخطاء عدم فهم النظام، والتي تكون كارثية عليهم». وأشار إلى إن الخوف من اندفاع المواطنين للحصول على القروض وفقاً لنظام الرهن العقاري، ما يزيد الطلب على العقارات لأغراض السكن، قد يرفع من أسعار الأراضي، «ومن المحتمل ارتفاع أسعار مواد البناء، نتيجة لزيادة الطلب بشكل يفوق إمكانات زيادة الطاقات الإنتاجية، في المدى القصير، وهو أمر لا يمكن إغفاله، خصوصاً ونحن نشاهد إرهاصاته منذ فترة، من خلال تمسك أصحاب الأراضي بأسعار مرتفعة، وعلى رغم عدم وجود مسوغات لهذه الأسعار، إلا أنهم يأملون بارتفاعها مع إعلان نظام الرهن العقاري». من جانبه، أوضح العقاري عبدالله الدوسري، أن الرهن العقاري سيشكل نقلة كبيرة للعقار في السعودية، مؤكداً وجود إيجابيات كثيرة لا يمكن تجاوزها بسبب سلبيات يمكن تفاديها وعلاجها، مبيناً أنه في مقدم هذه الإيجابيات أن نظام الرهن العقاري سيؤدي إلى تخفيف العبء عن صندوق التنمية العقاري، الذي سيتفرغ لأصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة، فضلاً عن أن النظام سيساعد المواطنين من ذوي الدخول المتوسطة في تملك مسكن خاص، بدلاً من تأجير المنازل لسنوات من دون تملكها، كما أن جميع الأنشطة المتعلقة بالبناء والتشطيب ستشهد انتعاشاً، نتيجة لإقبال المواطنين على البناء والإعمار. وتابع: «أن إقراره سيؤدي إلى زيادة نسبة الائتمان الذي تخصصه البنوك التجارية لتمويل القطاع العقاري، وأن الضمانات التي يوفرها نظام الرهن العقاري ستكون حافزاً في تطوير برامج البنوك، وابتكار عمليات جديدة للتمويل العقاري، إضافة إلى خلق روح التنافس بين البنوك لجذب أكبر شريحة من العملاء». موضحاً أنه لا تزال هناك مخاوف من أن المغالاة في الشروط والضمانات ونسبة العمولة على مبلغ التمويل والتأمين قد تؤدي إلى الحد من المزايا الايجابية للنظام، إذ إنه من المؤكد أن الممولين يفرضون شروطهم لتفادي المخاطر وتوفير الضمانات الكافية، حتى تتحقق الأرباح الاستثمارية، «وتلك الشروط التعاقدية تختلف من بنك إلى آخر، ومن شركة إلى أخرى، وهنا تأتي الحاجة إلى تدخل مؤسسة النقد للاطلاع على العقود التي تكون في الغالب عامة، حتى تكون منصفة للمواطنين، وتحافظ على الحد الأدنى من حقوقهم في أسوأ الأحوال». ولفت إلى إن النجاح الحقيقي لنظام الرهن العقاري سيكون بمدى استفادة محدودي الدخل منه، وذلك من خلال ترتيبات معينة تأخذها الدولة مع البنوك والشركات التمويلية يكون بمقتضاها صندوق التنمية العقاري الضامن لهذه الفئات، أو أي صندوق آخر يستحدث لهذا الغرض. وأن تدخل مؤسسة النقد العربي السعودي في آليات تطبيق نظام الرهن العقاري، وبالشكل الذي يحمي المواطن من التطرف والمغالاة في الأرباح والشروط التي تضعها البنوك والشركات التمويلية.