عمت المسيرات «الاستقلالية» شوارع بيروت وصولاً الى محيط القصر الجمهوري في بعبدا. وتداخلت فيها «البهجة» بالعيد مع هتافات ولافتات تنتقد الشغور الرئاسي مع مروحة من المطالب بتأمين «حقوق الشعب» وصرخات الأمهات بأنهن «لا يردن هجرة أولادهن إلى الخارج». ولم تخلُ الهتافات والصرخات من «كلنا للوطن» بالمطالبة بالمياه والكهرباء وجمع النفايات وطمرها وفق شروط بيئية سليمة، مذيّلة باتهام كل السياسيين بالفساد. وحدهم أهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى مسلحي «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» في جرود عرسال منذ سنة ونصف السنة، لفهم الحزن في العيد. وبدوا متروكين من الجميع، وهم ترجموا حرقتهم من خلال كلمة ألقيت باسمهم اقتصر مضمونها على جملة: «يا عيب الشوم على هذا الاستقلال فيما العسكريون لا يزالون مخطوفين». وأصرّت بعبدا التي تستضيف القصر الجمهوري على تزيين الساحات والثكنات العسكرية والطرق والمؤسسات العامة ودور البلديات بالأعلام، كما رفعت اللافتات المؤيدة للجيش والمنوهة بجهوده في ظل الظروف الصعبة. وكانت جمعية «فرح العطاء» نظمت مسيرة من محيط قصر بعبدا الى ساحة الشهداء تحت شعار «يلا نمشي» شارك فيها طلاب من مدارس بعبدا، انضم اليها مشاركون من نقابة المحامين بلباسهم التقليدي الأسود. وتقدمت المسيرة فرقة من موسيقى الجيش اللبناني، ما اثار تعليقاً من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط الذي غرد على موقع «تويتر» سائلاً: «لماذا موسيقى الجيش ترافق بعض الحراك؟ غريب»، وأضاف: «لم يعد أحد يعرف حده». وخرجت الى الشارع جمعيات اهلية ومن بينها «اتحاد المقعدين اللبنانيين» و«الجمعية اللبنانية من اجل ديموقراطية الانتخابات» و»ذوو المفقودين في الحرب اللبنانية»، للمشاركة في مسيرات تتجه الى ساحة الشهداء، التي وصل اليها ايضاً ناشطون من الحراك المدني تحت مكون «يلا نحاسب» الذين انطلقوا من امام المتحف الوطني الى قلب العاصمة من خلال كورنيش المزرعة. ووضع اطفال حملة «بدنا نحاسب» الورود البيض والأعلام امام نصب الجندي المجهول. وركّزت لافتات المشاركين على «أزمة النفايات، ومحاربة الفساد، والتقديمات الاجتماعية، وضمان الشيخوخة، وقانون الإيجارات، والقانون 2000/220 المتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة. أما ناشطو حملة «طلعت ريحتكم» فاستعادوا مطالب قضايا يعاني منها اللبنانيون ك «انقطاع الكهرباء والمطالبة بإعطاء الجنسية لأبناء الأم اللبنانية والإفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي بعد مرور 10 أيام على مباشرة العمل في المؤسسات». وتصدّر موضوع حل أزمة النفايات واجهة المطالب، وصولاً الى «التهديد الذي يطاول إنتاج الملح اللبناني». وانطلقت مسيرة فرح طالبية وكشفية الى محلة الروشة ومنها الى محيط الحمام العسكري ورفع المشاركون فيها اعلام لبنان ورايات جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت وعقدت حلقات الدبكة ولوحات لمهرجين. مسيرة جنوباً وإلى الحدود الجنوبية، نظمت «هيئة أبناء العرقوب ومزارع شبعا» احتفالاً عند بوابة مزارع شبعا للمناسبة برعاية قائد الجيش ممثلاً بالعميد الركن شربل أبو زيد. وجرى رفع العلم اللبناني عند البوابة، وألقيت كلمات نوّهت بدور الجيش اللبناني ك «صمام أمان لوحدة الوطن وحريته»، ولم تخلُ من التنبيه الى «الأخطار التي يواجهها لبنان وانتقاد الشلل شبه التام في مؤسسات الدولة وعجز معظم الطبقة الحاكمة» وشدد الخطباء على رفض «اي بيئة حاضنة لأي نوع من انواع التطرف والإرهاب». طرابلس ونظمت بلدية طرابلس، احتفالاً مركزياً بذكرى الاستقلال برعاية قهوجي ممثلاً بالعميد مصطفى شريتح في معرض رشيد كرامي الدولي، حضره حشد من السياسيين والقادة الأمنيين والفاعليات. وألقيت كلمات اشادت بالجيش وسائر القوى الأمنية الأخرى للحفاظ على الأمن والاستقرار ومنع الفوضى والتعديات، على رغم الثمن الباهظ من شهداء وجرحى. وأكد الخطباء تمسكهم بالتعددية اللبنانية من خلال الدستور اللبناني، ودعوا «الى تفعيل المؤسسات الدستورية لتلعب دورها في دعم صمود لبنان أمام الأخطار التي تهدده من المحيط والجوار»، وأسفوا ل «غرق هذا البلد في الركود والانكماش والتراجع اقتصادياً وفي خلافاتنا السياسية». وتكررت المطالبة «بانتخاب رئيس للجمهورية مسيحي ماروني لنثبت للعالم كله تمسكنا بعيشنا المشترك». مواقف وسجلت في ذكرى استقلال لبنان ال 72، مواقف لسياسيين إما من خلال بيانات أو تصريحات إذاعية أو مناسبات خاصة. ورأى وزير الخارجية جبران باسيل ان «داعش لن يدخل الى المجتمع اللبناني، والتحسر على الاستقلال فقط لا ينفع، فالمستقل بالفعل، لا يربط قراره عند غيره بالخارج، بل ينتخب رئيس جمهورية يمثل شعبه بالفعل». وشدد وزير البيئة محمد المشنوق على وجوب البقاء على «حال النأي بالنفس وألا نتأثر بهذه التوترات في المنطقة. هدف واحد اليوم في ذكرى الاستقلال هو انتخاب الرئيس والمطالب تأتي بعد انتخاب الرئيس». وقال الوزير السابق فيصل كرامي ان وصية جده الزعيم عبد الحميد كرامي «بطل الاستقلال الحفاظ على استقلال لبنان، والثبات على المبادىء والقيم في مسيرة النضال من أجل لبنان دولة الإنسان والقانون والمؤسسات». وأكد أمين سر «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي إبراهيم كنعان أن قوانين الانتخاب منذ الطائف وحتى الآن ساهمت في قتل بناء الجمهورية ولم توصل الى مؤسسات سليمة، معتبراً أن كرسي الرئاسة لم تشغر بغياب الشخص بل بتغييب الإرادة الشعبية». ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية نضال طعمة، ان «العالم منشغل عنا»، ودعا الى «تحصين الساحة الداخلية أكثر فأكثر، من خلال انتخاب فوري لرئيس الجمهورية، وإعادة العمل إلى مؤسسات الدولة، كي نستحق أن نتبادل المعايدات بمناسبة ذكرى الاستقلال». وطالبت «منظمة الشباب التقدمي» ب «تحصين السلم الداخلي وتفعيل المؤسسات الدستورية لا سيما الحكومة». - مسيرة لحزب الكتائب تطالب برأس للجمهورية حرصت مصلحة الطلاب في حزب «الكتائب اللبنانية» على التمايز في احيائها لعيد الاستقلال بتنظيم مسيرة انطلقت من أمام البيت المركزي في الصيفي باتجاه ساحة الشهداء لكنها سرعان ما غادرتها، قبل امتلائها بالمتظاهرين، إلى منطقة الجميزة، ومن ثم عادت الى «بيت الكتائب». وحمل المشاركون لافتات تمحورت حول عنوان «الجمهورية بدها رأس»، للمطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية. وانضمت الى الحزبيين السيدة جويس أمين الجميل، وأعضاء في المكتب السياسي الكتائبي. وحمل المشاركون في المسيرة الاعلام اللبنانية ورايات حزب «الكتائب»، وساروا بمواكبة القوى الأمنية التي عززت من اجراءاتها في قلب بيروت وعلى الطرق المؤدية الى الساحات فيها. وأكد رئيس مصلحة الطلاب في الحزب رالف صهيون أن «الاستقلال لا يكون بالدخول في صراعات خارجية عبثية، والمطلوب اليوم ميثاق جديد يقوم على سياسات واضحة». وقالت السيدة الجميل: «رسالتي هي لنجلي الشهيد بيار: تضحيتك بنفسك لم تذهب سدى والحزب يكمل نضالك». وكان حزب «الكتائب» أحيا وعائلة الجميل مساء اول من امس، الذكرى التاسعة لاغتيال الوزير بيار أمين الجميل، في قداس اقيم في بكفيا، في حضور الرئيس أمين الجميل وشخصيات تقدمها ممثلون لرئيس المجلس النيابي والحكومة. وقال الجميل بعد القداس: «تعزَّ يا بيار لأن ما زرعته ينبت أكثر وأكثر بالجيل الجديد، الذي آمن بقضيتك». ورأى أنه «لا يعقل أن يبقى البلد كل هذه المدة والمؤسسات معلقة»، وقال: «نغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون، ولكن نتيجة هذه الأفعال خطيرة ومدمرة للبلد، وتخلق اليأس والضياع لدى الشعب». وتوقف عند «المؤسسات المعنية بالتحقيق في جريمة اغتيال الوزير الجميل ورفيقه سمير الشرتوني»، وأسف «لأننا لا نلمس، مع شكرنا لها، وهي التي تكتشف كل يوم زارعي القنابل والذين يزرعون المآسي، وتضع أيديها على معظم التفجيرات والمجرمين، اي تقدم ونسألها: هل هناك شتاء وصيف تحت سقف واحد؟ الملف بعد 9 سنوات فارغ ومعلق، وهذا غير مقبول». ووعد نجل الراحل نية والده بأن «سنبقى على خطاك ونقف بوجه الخطر أياً كان نوعه».