أثبتت سيدة الأعمال في مضمار التراث والحرف اليدوية خلود الشراري أن الطموح ليس له حدود مهما كانت العقبات كبيرة ومهما كان الحلم بسيطاً، فقد نجحت في عرض التراث الجوفي بتصميم مبتكر جمع بين حياكة السدو والمطرزات التراثية وتسويقها محلياً وسياحياً. كما تطمح إلى منافسة الإنتاج الإيراني للسجاد، قائلة: ليس هناك ما يمنع من تحقيق طموحي بإنشاء معمل ينافس صناعة السجاد الإيراني فالمملكة لا تنقصها الإمكانات والطاقات الخلاقة والإبداعية. وكانت الشراري حصلت على المركز الأول في مسابقة حرم ملك البحرين الأميرة سبيكة الدولية من بين 89 دولة عربية وخليجية ودول أخرى في مجال الأشغال الحرفية والسدو، كما مثلت المملكة في مهرجانات تراثية دولية عدة في مجال الصناعات الحرفية والتراثية، إضافة إلى مهرجانات وطنية ومحلية استعرضت التراث الوطني والحضاري للمناطق. تمثل الشراري أنموذجاً للمرأة السعودية التي تحمل آمالاً واعدة وتتحدى ظروفها، فهي سيدة مطلقة وأم لخمسة أطفال وجدت نفسها وحيدة تحمل على عاتقها مسؤولية إعالة أبنائها وأسرتها، قائلة «ليس هناك من لا يواجه صعوبات أو مشكلات في حياته، لكن الأقوى من يواجه تلك العقبات والظروف ويحولها إلى عمل إيجابي». وتضيف: «لقد واجهت الكثير من السخرية والتجاهل من البعض لكنني قررت إثبات وجودي كامرأة ناجحة وكعضو فاعل في مجتمعي دون الالتفات إلى ما يعيقني في سبيل الوصول إلى ما أطمح إليه». وتقوم الشراري التي تلقت أسرار حرفة حياكة السدو عن والدتها بإنتاج السجاد والسدو وحياكته في أشكال جذابة وعصرية تجمع التراث بالحداثة، إذ أقامت معملاً لحياكة السدو والنسيج التراثي بمشاركة سبع سيدات من صديقاتها الشغوفات بالأشغال الحرفية. وتقول «أنتج أكثر من 80 قطعة شهرياً من شعارات لآيات قرآنية وصور أثرية وشخصيات وهدايا تذكارية وسجاد من الصوف الطبيعي آخذة في الاعتبار الأشكال المبتكرة والألوان المتجانسة، إذ أقوم بصباغة الصوف وغزله في نماذج مختلفة، وتضيف أن حياكة السجاد تستغرق ما بين 25 يوماً إلى أربعة أشهر بحسب الحجم والشكل والتنسيق حتى يخرج في شكله النهائي». مشيرة إلى أن أبرز عملائها من الجهات الحكومية والهيئة العليا للسياحة ورجال الأعمال وزائري المملكة من الوفود الأجنبية والسائحين المهتمين بالتراث، وتفيد بأن غزل النسيج التراثي كالسدو يعد جانباً مهماً لا يمكن إغفاله ضمن أوجه السياحة الداخلية للمملكة. ولا يقتصر عمل الشراري على ذلك فقط، إذ عملت مع والدتها على تدريب أكثر من 27 متدربة على هذه الحرفة بإشراف جمعية الملك عبدالعزيز النسائية بالجوف ضمن برنامج تدريبي في حياكة النسيج والأشغال الحرفية التراثية، كما أنهت دورة تدريبية في حياكة السدو والمطرزات التراثية لمشرفات التربية الفنية بتعليم الرياض ضمن اتفاق بين وزارة التربية والتعليم والهيئة العليا للسياحة بتطوير المناهج الدراسية للتربية الفنية، إذ من المزمع تطبيق مقرارت دراسية في التربية الفنية في الأشغال اليدوية التراثية والسدو العام المقبل. وكانت بداية الشراري من خلال جمعية الملك عبدالعزيز النسائية الخيرية بالجوف، إذ أوضحت بقولها: قدمت لي جمعية الملك عبدالعزيز النسائية بالجوف برئاسة الأميرة سارة بنت عبدالله الكثير من الدعم المادي والفكري والمعنوي، إذ حصلت على التطوير والتدريب على مهارات حياكة الأشغال اليدوية والحرفية، كما ساعدتني في اكتساب مهارات ضرورية مكنتني من إثبات وجودي في هذه الحرفة إلى أن تمكنت من إنشاء معملي الخاص الذي أنفذ من خلاله منتجاتي التراثية واليدوية. وأشادت بقولها «ولا ننسى ما قدمته الأميرة سارة بنت عبدالله من دعم مالي ومعنوي لي ولكثير من الأسر المنتجة من خلال جائزتها السنوية لدعم الأسر المنتجة وذوي الاحتياجات الخاصة. وحول الصعوبات التي واجهتها في هذا المجال، توضح بقولها إن أبرز العقبات التي تعيق الأسر المنتجة والحرفيات تكمن في صعوبة تسويق منتجاتهن. وتضيف أن بعض تلك المنتجات تنقصها الدقة بسبب قلة الدعم المادي والمواد الخام. شاكية من استخفاف البعض بقيمة المنتجات الحرفية دون الأخذ في الاعتبار الكلفة الأساسية للقطعة والجهد والوقت المبذول في سبيل إخراجها في أحسن شكل. كما يشكو الحرفيون والحرفيات من عدم الثقة في المنتجات الوطنية والمحلية مما يمثل عبئاً آخر إلى جانب صعوبة تسويق بضائعهم. داعية إلى دعم الحرفيين والحرفيات والصناع في مختلف المجالات، لا سيما القطاع الحرفي الذي تتقنه الكثيرات من السيدات اللائي لا يتمكن من الحصول على دعم مادي أو معنوي. ودعت الشراري الفتيات والسيدات السعوديات إلى إثبات وجودهن وتحقيق طموحاتهن دون الالتفات إلى الصعوبات التي تواجههن، وتحويل معاناتهن وطاقاتهن إلى عمل إيجابي ملموس. مؤكدة ضرورة المحافظة على تراثهن المحلي من خلال إتقان تلك الحرف. قائلة إن الصناعات الحرفية تمثل موروثاً شعبياً لابد من المحافظة عليه وتطويره.