عكست المحادثات السورية - السلوفاكية وجود رغبة في اعادة صوغ «العلاقات التاريخية» العائدة الى عقود سابقة مع تشيكوسلوفاكيا، على اسس جديدة من المصالح المشتركة، والافادة من تجربة سلوفاكيا في الاصلاح الاداري، والانتقال من الاعتماد الاكثر على القطاع الزراعي الى تعدد المصادر الاقتصادية، اضافة الى تشابه تجربتي الانتقال الى اقتصاد السوق، مع بقاء دور اساسي للدولة في بعض القطاعات، والحفاظ على «التوازن الاجتماعي». وكان لافتا ان الرئيسين بشار الاسد وايفان غاسباروفيتش افتتحا امس منتدى رجال الاعمال في براتسلافا بحضور اكثر من مئة شخص من الجانبين بهدف اعطاء «اشارة سياسية قوية» للتعاون، بعدما تركز جانب من المحادثات الرسمية على تمهيد الطريق امام رجال الاعمال في البلدين. وقال الاسد ان لقاء رجال الاعمال جاء في ظل ازمة مالية واقتصادية، الامر الذي قد يؤدي بالدول الصغيرة الى لعب دور اكبر في المستقبل، وبالدول النامية لأن يكون لها صوت اكبر في ادارة الاقتصاد العالمي، لافتاً الى ان الازمة «قد تتحول الى فرصة اذا احسنّا استثمارها»، وان توقيت التعاون سيكون مهماً خصوصا في ظل الانفتاح العالمي. وبعدما اعلن ان العلاقات الجديدة بين سورية وسلوفاكيا بدأت بعد زيارة غاسباروفتيش لدمشق نهاية عام 2007، اشار الاسد الى التشابه بين اقتصادي البلدين اللذين يسيران في الاتجاه نفسه، وان كانت سلوفاكيا «قطعت خطوات كبيرة»، مضيفا ان سورية ركزت في السنوات الاخيرة على اصدار التشريعات، قبل ان يذكر بعض المميزات في الاستثمار في سورية و «صدقية الاقتصاد واستقراره» انطلاقاً من المقومات السياحية والموقع الاستراتيجي، الامر الذي يتيح لها ان تكون «ممراً» يصل المنطقة بأوروبا في مجالات الطاقة والنقل، وحلقة ربط بين الشمال والجنوب والغرب والشرق. واذ قال الاسد ان الطرفين السوري والسلوفاكي لا يبدآن من الصفر، وان هناك اتفاقية لحماية الاستثمارات ومنع الازدواج الضريبي، شجع الحاضرين على الاستثمار المشترك في «الفرصة المتاحة» في الظروف الدولية والانفتاح نحو الشرق الاوسط واحتمالات اقامة السلام العادل والشامل، قائلا ان «السلام سيأتي في يوم من الايام»، وان «الشخص البارع هو الذي يرى الفرصة قبل الآخرين»، وان «الاقتصاد داعم للسلام، والسلام داعم للاقتصاد». وكان غاسباروفيتش حض بدوره رجال الاعمال للتعاون المشترك، خصوصا ان ابناء بلده «يعرفون ان عليهم البحث عن اسواق جديدة»، وان في سورية «استقرارا سياسيا واقتصاديا وامكانات كبيرة»، بعدما اشار الى ان في بلاده «استنفارا كاملا» للحد من انعكاسات الازمة المالية على اقتصادها. واذ قال ان البلدين متشابهان في «توافر استقرار سياسي»، شدد على ضرورة اعتبار سورية «حليفاً اقتصاديا». وكان رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية عبدالله الدردري اوضح ل «الحياة» امكانات الافادة من تبادل الخبرات، قائلا ان 60 في المئة من قوة العمل في سلوفاكيا كانت تعمل في الزراعة التي كانت تشكل مصدرا رئيسا للدخل، غير ان الاصلاحات ادت الى خفضها الى 5 في المئة مع بقاء مساهمتها الاقتصادية عالية. وقال ان براتسلافا «فخورة بعلاقاتها التاريخية مع سورية، ونريد تطويرها على اسس جديدة» بحيث ان هيئة ضمان الصادرات ستسهل للسلوفاكيين الاستثمار في سورية، اضافة الى ان «نظرتهم لاقتصاد السوق مثل نظرتنا: التمسك بدور الدولة واعطاء دور للقطاع الخاص»، كما انهم يؤمنون بحرية السوق مع الحفاظ على «التوازن الاجتماعي»، اضافة الى الاستفادة من تجربتهم في تطوير الطبقة الادارية الوسطى.