سهلت مواقع التواصل الاجتماعي انتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات عبر الصحيحة على الانترنت، لتتحول في بعض الأحيان إلى حقائق يتداولها الآف الأشخاص على هذه المواقع. ويتفاقم انتشار المعلومات الخاطئة عند وقوع الأزمات أو الحوادث، بسبب تلهف الناس لمعرفة التطورات ومسارعتهم لمتابعة أي مصدر إخباري من دون التحقق أولاً من مدى صحة ما ينقله. كما يستغل كثيرون الضجة الإعلامية التي ترافق الأحداث الكبيرة لنشر إشاعات أو نظريات مؤامرة لجذب انتباه القراء أو بث الخوف بين الناس. ولم تستثن الهجمات الإرهابية على باريس يوم الجمعة الماضي من هذه الظاهرة، إذ برزت على خلفية الاعتداءات مجموعة من الإشاعات تناقلها عدد كبير من الأشخاص، وصدقتها بعض وسائل الإعلام الكبيرة وشخصيات بارزة. وجمعت صحيفة «سيدني مورنينغ هيرالرد» الأسترالية أبرز هذه الأخبار الخاطئة، ومنها: تغريدة دونالد ترامب تداولت وسائل التواصل الاجتماعي بعد أحداث باريس مباشرة، تغريدة للمرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب التي تقول: «أليس مثيراً للاهتمام أن مأساة باريس وقعت في دولة تفرض رقابة مشددة على امتلاك الأسلحة؟». لكن الواقع هو أن ترامب كتب ذلك في الثامن من كانون الثاني (يناير) الماضي، تعليقاً على الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو»، أما تغريدته عن هجمات باريس الأخيرة فكانت: «أصلي من أجل الضحايا والرهائن في هجمات باريس الرهيبة، ليكن الله في عونكم». وعلى رغم وضوح تواريخ نشر التغريدتين، إلا أن ذلك لم يمنع رواد مواقع التواصل الاجتماعي من تداول التغريدة الأولى بسرعة هائلة، ما جعل ترامب عرضة لوابل من الإساءة، خصوصاً من أشخاص استغلوا الحدث لتحقيق مكسب سياسي ضد المرشح الجمهوري الذي يعارض تحديد حرية حيازة الأسلحة في الولاياتالمتحدة. وكان سفير فرنسا في الولاياتالمتحدة غيرارد اراود، أحد الأشخاص الكثر الذين ردوا على تغريدة ترامب القديمة، ظناً منهم أنها تتحدث عن الهجمات الأخيرة. وكتب اراود أن «هذه الرسالة بغيضة لخلوها من أي تعاطف إنساني»، مشبهاً ترامب بالحيوان المفترس، قبل أن يقوم بحذفها لاحقاً. إغلاق أنوار برج إيفل احتراماً للضحايا ساهمت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية في انتشار خبر خاطئ عن أنوار برج إيفل، أيقونة باريس، بعدما نشرت على حسابها الرسمي في «تويتر» صورة للبرج الشهير وأنواره مطفأة تماماً، مرفقة بتعليق يقول إن «برج إيفل أطفأ أنواره إكراماً لضحايا الهجمات الإرهابية على باريس». وأعاد نشر التغريدة نحو خمسة الآف شخص، على رغم أن المعلومة التي نشرتها شبكة الأخبار الأميركية خاطئة تماماً، فالصورة تعود إلى بداية العام عندما انطفأت أضواء برج إيفل لدقائق معدودة إكراماً لضحايا الهجوم على «شارلي إيبدو»، إضافة إلى أن أنوار البرج تطفأ يومياً في الساعة الواحدة صباحاً. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن الرئيس النتفيذي لشركة برمجيات روريك برادبري قوله: «أعتقد أن شبكة إخبارية كبيرة غردت عن إطفاء أنوار برج إيفيل تعاطفاً مع ضحايا الهجوم». وقال برادبري في مقابلة ان «الطريقة التي تنتشر بها الأخبار الخاطئة في تويتر مدهشة»، موضحاً أن «من يفكر في الأمر لوهلة سيتوصل إلى استحالة بقاء برج إيفل مضاءً منذ بنائه، خصوصاً أن أضواءه لم يتم تركيبها أصلاً إلا في 1925، كما قامت منذ تأسيس البرج حربان عالميتان، ناهيك عن أن إنارته باستمرار أمر مكلف جداً». وذكر أنه «بدلاً من تكاتف العالم أمام هذه المآسي من خلال المساعدة أو الصمت على الأقل، يقوم عدد من الناس بنشر معلومات خاطئة أو مسيئة للغير على وسائل التواصل الاجتماعي»، مشدداً على أن «من يريد المساعدة يمكنه بذل جهد بسيط للتحقق من صحة المعلومات التي ينشرها، وعدم التفوه بتعليقات مسيئة للآخرين أو صادمة بهدف جذب الانتباه». «الانتقام» من اللاجئين من بين الأخبار الخاطئة التي تم تداولها بعد هجمات باريس، مشاهد حريق شب ليلة الجمعة في مخيم للاجئين بمدينة كاليه شمال فرنسا، تم تداولها على أنها عملية «انتقامية» نفذها فرنسيون رداً على الاعتداءات. ونشر حسان الجاجة صور الحريق على «تويتر»، مرفقة بتعليقه أن «فرنسيين يشعلون النيران في مخيم للاجئين سوريين في كاليه بعد هجمات باريس، وأنباء عن سقوط ضحايا». وأعاد نشر تغريدته أكثر من 500 شخص، في حين صرحت مديرية الأمن بمحافظة كاليه أن الحريق الذي شب في المركز كان حادثاً سببه إما التيار الكهربائي أو احتراق شمعة في إحدى الوحدات، وهو غير مرتبط إطلاقاً بأحداث باريس. التنبؤات المثيرة للجدل انتشرت تغريدة تابعة لحساب @PZBooks بتاريخ 11 تشرين الثاني (نوفمبر)، أي قبل هجمات باريس بيومين، تفيد أن «حصيلة ضحايا الهجمات على باريس ترتفع إلى 120 قتيلاً و270 مصاباً على الأقل». وأعاد نشرها أكثر من تسعة الآف شخص. لكن «سيدني مورنينغ هيرالرد» أفادت أن المعلومة في الحقيقة ليست تنبؤاً، وإنما صدفة غريبة، لأن الحساب مزود بخدمة للتغريدات التلقائية التي تكون العادة «أخباراً» كاذبة وعشوائية، ويكون توافق توقيتها مع أحداث حقيقية أحياناً من محض الصدفة. نظرية «الممثلة الباكية» تداول رواد نظريات المؤامرة على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تبدو كلها لشابة واحدة تبكي في مواقع مختلفة تعرضت لاعتداءات خلال الأعوام الماضية، مثل «تفجيرات بوسطن» في 2013، وحادثتي إطلاق النار في مدرسة ساندي هوك بولاية كونيتيكيت وقاعة السينما في أورورا بولاية كولورادو في الولاياتالمتحدة عام 2012. وكانت الصحيفة الأسترالية نشرت في وقت سابق مقالاً شرحت فيه أن الصورة تظهر شخصيات مختلفة تماماً لشابات يتشابهن في الشكل لا أكثر، داحضة بذلك نظرية «الممثلة الباكية» التي ابتدعها أصحاب نظرية المؤامرة لإثبات أن وقوع هذه الأحداث كان مخططاً مسبقاً.