أكدت فرنسا اليوم (الخميس)، أن البلجيكي عبد الحميد أباعود الذي يشتبه أنه الرأس المدبر لهجمات باريس كان بين القتلى حين دهمت الشرطة شقة سكنية في ضاحية إلى الشمال من العاصمة الفرنسية، لتضع نهاية لعملية البحث عن أخطر رجل مطلوب في أوروبا. وقالت السلطات إنها تعرفت على جثة أباعود من مضاهاة بصمات الأصابع عقب المداهمة التي جرت أمس، ومات فيها شخصان اثنان على الأقل منهما مفجرة انتحارية بعد معركة مع الشرطة بأسلحة نارية. وقال المدعي العام لباريس فرانسوا مولان في بيان اليوم، بعد يوم من المداهمة التي جرت قبل الفجر، إنها "جثته التي عثرنا عليها في المبنى وبها العديد من الإصابات"، وأضاف: "في وقت لاحق إنه لم يتضح في الوقت الحالي هل فجر أباعود حزاماً ناسفاً أم لا". وأباعود متهم بتدبير التفجيرات والهجمات بالرصاص المنسقة في العاصمة الفرنسية يوم الجمعة الماضي، والتي أودت بحياة 129 شخصاً، وقتل سبعة مهاجمين في تلك الهجمات وما زال مشتبه به ثامن هارباً. ونقل رئيس الوزراء مانويل فالس نبأ مقتل أباعود في البرلمان اليوم، وسط تصفيق واستحسان من المشرعين الذين كانوا يصوتون لمد حال الطوارئ ثلاثة أشهر أخرى. وقال فالس للصحافيين: "نعلم اليوم أن الرأس المدبر للهجمات أو أحدها -إن أردنا توخي الحذر- كان بين أولئك القتلى." وحتى قبل هجمات الأسبوع الماضي كان أباعود المغربي المولد (28 عاماً) واحداً من أشهر الأوروبيين الذين انضموا إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وكان يحظى بتغطية بارزة على مجلة "دابق" الالكترونية التي يصدرها التنظيم باللغة الانكليزية والذي كان يفاخر فيه بشن هجمات في أنحاء أوروبا باسم "الدولة الإسلامية". وكان التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة من العراق وسورية، اجتذب آلافاً من الشبان الأوروبيين إلى صفوفه، ويعتبر أباعود شخصية ذات دور رئيس في اجتذاب آخرين إلى التنظيم لاسيما من بلده بلجيكا. وزعم أنه فر من عملية مطاردة بعد مداهمة في بلجيكا في العام 2013 قتل فيها اثنان من المتشددين. وتبرأت منه أسرته متهمة إياه بخطف شقيقه البالغ من العمر 13 عاماً، الذي وصف على شبكة الإنترنت في ما بعد بأنه أصغر مقاتل أجنبي ل "الدولة الإسلامية" في سورية. وقبل هجمات باريس كانت الحكومات الأوروبية تعتقد ان أباعود ما زال في سورية، وقال رولان جاكار من "المرصد الدولي للإرهاب": "هذا تقصير خطير." وسينظر إلى سرعة تعقبه والوصول إليه على أنه نجاح كبير للسلطات الفرنسية، لكن وجوده في باريس سيركز الأنظار على الصعوبات التي تلقاها أجهزة الأمن الأوروبية في مراقبة حدود القارة. وكان مسؤولون فرنسيون دعوا إلى إدخال تعديلات على قواعد منطقة "شنغن" في الاتحاد الأوروبي التي لا تراقب في العادة دخول وخروج مواطني الدول الست والعشرين الأعضاء. ووصل مئات الآلاف من السوريين إلى أوروبا لاجئين في الأشهر الأخيرة، منهم من استخدم جواز سفر عثر عليه في مسرح إحدى هجمات الجمعة الماضية. وفي ساعة مبكرة أمس، أغارت الشرطة على المنزل الذي كان يتحصن فيه أباعود في ضاحية سان دوني في باريس، واقتحم ضباط شرطة مدججون بالسلاح المبنى قبل الفجر ووقعت معركة بالأسلحة النارية وعدة انفجارات. وقال مسؤولون إن شخصين قتلا في المداهمة بينهما مفجرة انتحارية نسفت نفسها. ويحاول خبراء الطب الشرعي التحقق مما إذا كان شخص ثالث قد قتل، واعتقل ثمانية أشخاص. وقال مصدران في الشرطة ومصدر مقرب من التحقيق، إن "خلية سان دوني كانت تعتزم شن هجوم جديد في الحي التجاري لاديفانس في باريس". وقال مصدر قريب من التحقيق أن المرأة التي قتلت في المداهمة من المحتمل أنها ابنة عم أباعود. ويقول "داعش" إنه نفذ هجمات الجمعة الماضي انتقاماً من الغارات الجوية الفرنسية على مواقعها خلال الاثني عشر شهراً الماضية. ودعت فرنسا إلى إنشاء تحالف دولي لهزيمة التنظيم المتشدد، وشنت هجمات جوية على الرقة معقل التنظيم في شمال سورية منذ مطلع الأسبوع، واستهدفت روسيا أيضاً المدينة انتقاماً من إسقاط طائرة ركاب روسية قتل فيه 224 شخصاً الشهر الماضي. ولا تقوم باريسوموسكو بالتنسيق بين غاراتهما الجوية في سورية، ولكن من المقرر أن يلتقي الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في 26 من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، لمناقشة كيف يمكن لجيشي البلدين العمل معاً. وقبل ذلك بيومين يلتقي هولاند الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن، لمناقشة دور تحالف تقوده الولاياتالمتحدة في أي جهد موحد لمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية". وفرنسا واحدة من عدة بلدان أوروبية تشارك في غارات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة على أهداف "داعش" في العراق وأصبحت قبل شهرين البلد الأوروبي الوحيد الذي ينضم إلى الغارات في سورية أيضاً. وكرر الرئيس أوباما اليوم، الموقف الأميركي القائل بأن القضاء على التنظيم المتشدد يرتبط بإنهاء الحرب الأهلية في سورية، وهو ما لا يمكن حدوثه ما دام بشار الأسد في السلطة. وقال للصحافيين في مانيلا على هامش اجتماع القمة السنوي ل "رابطة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ"، إن "الخلاصة هي أنني لا أتصور وضعاً يمكننا فيه إنهاء الحرب في سورية مادام الأسد في السلطة."