واشنطن – رويترز، أ ف ب – حقق الرئيس الأميركي باراك أوباما حلماً راود أسلافه منذ قرن تقريباً (الرئيس تيودور روزفلت 1912)، بعدما أجاز مجلس النواب الأميركي مشروع قانون تاريخياً يهدفُ إلى إصلاح نظام الرعاية الصحية بأكثرية 219 صوتاً. وأشاد أوباما بالنواب معتبراً أن التصويت «لم يكن سهلاً، ولكنه التصويت الصحيح». ويؤمّن القانون الرعاية الصحية لنحو 32 مليون أميركي محرومين منها. وفي تصريحات أدلى بها قبيل منتصف ليل الأحد - الاثنين مباشرة بعدما وافق مجلس النواب الأميركي نهائياً على إصلاح شامل لنظام الرعاية الصحية، بما يوسّع التغطية التأمينية لتشمل الأميركيين كلهم تقريباً، أشاد أوباما بهذا التصويت الصعب. وقال: «ليس هذا إصلاحاً جذرياً وإنما إصلاح رئيسي. لن يُصلح هذا القانون كل ما يُعيب نظامنا للرعاية الصحية، وإنما يحركنا في الاتجاه الصحيح، ما يبدو أنه تغيير». وأقر مجلس النواب الأميركي إصلاحاً تاريخياً لنظام التأمين الصحي بعد شهور من مفاوضات صعبة في الكونغرس، في خطوة رآها أوباما «تؤكد أن الولاياتالمتحدة لا تزال قادرة على تحقيق أمور عظيمة». وأيّد 219 نائباً، النص الذي تبناه مجلس الشيوخ في 24 كانون الأول (ديسمبر) الماضي في مقابل 212 عارضوا. ويوسع القانون مجالات التأمين الصحي لتشمل 32 مليوناً محرومين منه، في اكبر تغيير في السياسة الاجتماعية الأميركية خلال أربعة عقود. وقال أوباما: «هذا المساء لبّينا نداء التاريخ كما فعل أميركيون كثيرون قبلنا. لم نحاول التهرب من مسؤولياتنا بل تحمّلناها. لم نخف من مستقبلنا بل صنعناه». وأشاد الرئيس الأميركي الذي يوقّع القانون خلال أيام، بالبرلمانيين الذين تحدّوا تكهنات بسقوط المشروع لخلافات سياسية ونزاعات حزبية. وصوّت الجمهوريون (178) و34 ديموقراطياً محافظاً ضد إصلاح نظام التأمين الصحي، بينما كان مئات المحتجين يرددون في الخارج: «اوقفوا القانون». وبعد التصويت الأول، وافق النواب بغالبية 220 صوتاً في مقابل 211 على «بنود إصلاحية» طالبوا بإدخالها على مشروع قانون مجلس الشيوخ ليحقق شروطهم. تحوّل في الرعاية الصحية ويشكل النصان تحولاً في سياسة التأمين الصحي في الولاياتالمتحدة بعد قرن من دعوة أطلقها الرئيس تيدي روزفلت لمعالجة القطاع على المستوى الوطني، بتوسيعهما التغطية لتشمل 95 في المئة ممن لم يبلغوا الخامسة والستين من العمر. ومنع القانون شركات التأمين من ممارسات، من بينها رفض تغطية أشخاص بسبب حالات مرض مسبقة لديهم. وقال زعيم الغالبية الديموقراطية ستيني هوير قبل التصويت: «القانون معقد لكنه بسيط في الوقت ذاته: المرض والعجز عامّان، ونكون أقوى إذا واجهناهما معاً بدلاً من كل واحد بمفرده». أما نائب رئيس النواب الجمهوريين ايريك كانتور فوصف «الخطة التي تكلف تريليون دولار بأنها تأخذ أميركا التي نعرفها ونحبها، إلى اتجاه خاطئ». ولا يوجد في الولاياتالمتحدة تأمين صحي للجميع، ف36 مليون أميركي ليست لديهم تغطية. ويحاول القانون الجديد تغطية 32 مليوناً على الأقل. ويفيد مكتب الإحصاء الأميركي بأن نسبة الذين لا يملكون تأميناً صحياً كانت 15.4 في المئة عام 2008 تمثل 46.3 مليون مواطن، من بينهم نحو عشرة ملايين أجنبي يقيمون في أميركا. كما يملك ملايين الأميركيين تأميناً صحياً لا يشمل كل النفقات. وتبلغ النفقات الطبية والصيدلانية مبالغ باهظة. وغالبية من يتمتع بتأمين صحي (58.5 في المئة) تغطيهم بوالص قدمتها مؤسسات يعملون فيها. ويصبحون في حال تسريحهم من دون تغطية. واختار آخرون شركات تأمين خاصة أو أنظمة عامة للتأمين أهمها «ميديكير» (المعوقون والمسنّون الذين تجاوزوا الخامسة والستين من العمر ويبلغون 43 مليوناً) و «ميديك ايد» (الفقراء المحرومون وعددهم 42.6 مليون). وأفادت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بأن الولاياتالمتحدة تنفق اكثر من أي بلد صناعي آخر على القطاع الصحي. وتوضح دراسة للمنظمة أن الأميركيين أنفقوا على الصحة بمعدل 7290 دولاراً للفرد في 2007، أي اكثر بنحو ثلاثة آلاف دولار من النروجيين والسويسريين الذين يأتون بعد الولاياتالمتحدة في ترتيب أعلى النفقات الصحية للفرد. ويرغم الإصلاح الجديد الأفراد على الحصول على تأمين خاص لئلا يدفعوا غرامة سنوية. ويؤمن مساعدات للأسر ذات الدخل المتواضع، لكنه لا يُنشئ صندوقاً حكومياً للتأمين الصحي. وفي المقابل، لن يكون في إمكان شركات التأمين رفض تغطية أي مريض. وتبلغ كلفة الإصلاح الجديد 940 بليون دولار على عشر سنوات، لكن من شأنه أيضاً خفض العجز الأميركي بنحو 138 بليوناً خلال الفترة ذاتها وفقاً لإحصاءات مكتب الموازنة التابع للكونغرس.