تخوض الشابة أمل فارس (32 سنة) انتخابات مجلس النواب التي تنطلق مرحلتها الثانية يومي الأحد والاثنين المقبلين عن دائرة رفح والشيخ زويد في شمال سيناء التي تعد الدائرة الأخطر أمنياً على مستوى البلاد. ولمحافظة شمال سيناء 5 نواب يتنافسون على المقاعد الفردية وتقع ضمن 7 محافظات خصص لها 15 مقعداً في نظام القوائم. وفي دائرة رفح والشيخ زويد يتنافس 4 مرشحين، هم جمال عمر، وإبراهيم شعيرة، وصالح أبو رياش، وأمل فارس. وكان لافتاً أن اختارت فارس التي تُكمل دراستها الجامعية تلك الدائرة تحديداً لخوض المنافسة فيها، فمدينتي الشيخ زويد ورفح تمثلان مركزاً للمواجهات بين قوات الجيش والمسلحين التابعين ل «داعش»، ويتخذون من جبالهما الوعرة مركزاً لإطلاق هجماتهم على قوات الأمن. ووزع مسلحون ملثمون أكثر من مرة منشورات تُحذر من الانخراط في العملية السياسية أو خوض الانتخابات. ودفعت الأوضاع الأمنية المضطربة في المدينتين السلطات إلى تخصيص مقرين انتخابيين في مدينة العريش لأهالي الشيخ زويد ورفح للاقتراع فيهما، إضافة إلى مركزين في المدينتين، ستتكفل قوات الجيش بتأمينهما. وقالت فارس، وهي من أبناء عائلة ماضي في رفح، إنها تعتمد على الاتصالات الهاتفية مع أهالي رفح والشيخ زويد، في دعايتها الانتخابية، كونها تُقيم في العريش، بعد أن رُحِلت مع أسرتها ضمن مئات الأسر من المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة لإنشاء منطقة عازلة فيها. وأضافت ل «الحياة»: «أزور رفح والشيخ زويد للقاء أهاليهما، لكن الأوضاع الأمنية تمنع إتمام تلك الزيارات في شكل مكثف. أذهب إلى هناك مرات قليلة جداً، فخطر التعرض الى هجمات المسلحين يظل وارداً، وأيضاً الإجراءات الأمنية على المكامن العسكرية تأخذ وقتاً كبيراً. الرحلة التي يفترض أن تتم في نصف ساعة قد تستغرق ثلاث ساعات، ولظروف الحظر قد لا أتمكن من العودة إلى العريش، لذا اعتمد في الدعاية الانتخابية على المندوبين من المقيمين في رفح والشيخ زويد وأيضاً الاتصالات الهاتفية». وأوضحت أنها تلتقي مشايخ من عائلات رفح والشيخ زويد في العريش، فضلاً عن أن «معظم أبناء رفح باتوا يقيمون في العريش بعد الترحيل»، لافتة إلى أن «من 7 إلى 8 آلاف من أهالي رفح باتوا يقيمون في العريش، والتقيهم باستمرار». وبعيداً من الأوضاع الأمنية المضطربة في الدائرة، فإن التصويت القبلي الذي يحكمها يمثل تحدياً رئيساً أمام فارس في تلك الانتخابات. وقالت إنها وجدت معارضة في البداية من أسرتها لفكرة الترشح في الانتخابات، لكنها أصرت على إقناع أفراد الأسرة ومن بعدهم العائلة، بضرورة خوض التجربة، «من أجل تحقيق الحد الأدنى من الحياة الكريمة». وأوضحت أنها أقنعت أهلها بضرورة الذهاب إلى دواوين العائلات ولقائهم، وعرض مشروعها عليهم، وقبلوا الأمر بعد نقاش طويل، بعدما عارضوها لفترة بسبب العادات القبلية التي تحد من حركة المرأة. وأشارت إلى أنها حين تذهب للقاء مشايخ وأبناء قبيلة أو عائلة «أجد من يأخذ أمر ترشحي بجدية، وآخرون لا يتفهمون هذا الترشح، ولا يأخذونه على محمل الجد. هناك من يقول لم لا إن كانت المرأة ستنفذ مطالبنا، ويمكن لها أن تُفيد البلد أكثر من الرجل، وبعضهم تسيطر عليه العقلية القبلية ويقول صراحة إن المرأة لا تصلح لتمثيلنا ولا بد من أن يُمثلنا رجل... لا الكل يؤيد ولا الكل يعارض». وأوضحت أنها تراهن على نسبة اقتراع عالية والبعد من الحشد القبلي. وقالت: «التقي نساء كثراً. نعقد اجتماعات في منازل في العريش، وأطلب منهن منح أصواتهن لمن يرونهن مناسباً، وليس لمن يأمرهن أزواجهن بانتخابه. المرأة باستطاعتها انتخاب من تريد، وكسر تابوه القبلية، فخلف ستارة الاقتراع، لن تعلم قبيلتها من انتخبت». وأشارت إلى أنها تراهن أيضاً على «كسر الشباب تابوه القبلية، والاقتراع لمن يقتنعون بأفكاره»، معربة عن اعتقادها بأن «التصويت على أساس قبلي تراجع في السنوات الأخيرة، ولن يقبل الشباب بأن ينساقوا خلف تعليمات من المشايخ». وحض مسؤولون محليون أهالي شمال سيناء على الاقتراع بكثافة في تلك الانتخابات. وأكد رؤساء مجالس المدن في ندوات عقدوها مع أهالي المحافظة أن «الدولة تقف على الحياد في الانتخابات، ولا تميل إلى أي مرشح». ويصل عدد الناخبين المقيدين في الجداول الانتخابية ممن لهم حق الاقتراع في شمال سيناء إلى 234 ألفاً و635 ناخباً، سيقترعون من خلال 4 لجان عامة تضم 50 مركزاً انتخابياً مقسمة على 104 لجان فرعية. وأوضحت فارس أن «الأمن هو أول مطلب لأهالي رفح والشيخ زويد». وقالت: «الأمان بات مفقوداً، الناس تطلب الأمان أولاً والعودة إلى بيوتهم ثانياً، وإن قُدر لي النجاح سأعمل على تحقيق المطلبين... وحتى لو لم أوفق فسأساعد النائب الذي سينجح في تحقيق مطالب أهلي. رفح والشيخ زويد تحتاجان إنساناً يراعي الله، ويكون على مستوى المسؤولية».