عكف أمس كبار الموظفين والخبراء في الدول الفاعلة في «مجموعة الاتصال» الدولية - الإقليمية الخاصة بالأزمة السورية، على الخوض في ثلاث مجموعات عمل تتعلق ب «التنظيمات الإرهابية» والمعارضة الشرعية والممرات الإنسانية و«مواجهة القوائم» للوصول إلى قائمة موحدة قبل الاجتماع الوزاري غداً، في وقت تأكد أن بعض الوزراء جهز أفكاراً وسيخوض «حرب مبادرات» في الاجتماع الوزاري مع اتفاق معظم الأطراف على ضرورة البدء ب «إجراءات بناء الثقة» بين النظام والمعارضة وصولاً الى بدء العملية الانتقالية. وواصلت القوات النظامية بغطاء روسي التقدم في ريف حلب الجنوبي. وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري مساء أمس «السياسة السورية» التي تتبعها إدارة الرئيس باراك أوباما بدعوة إلى التمسك ب «الدينامية المتولدة» من الاجتماع الوزاري السابق نهاية الشهر الماضي والفصل بين الإرهابيين و «المعارضة الشرعية» وصولاً إلى الانتقال السياسي ومحاربة «داعش»، فيما قالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن موسكو «لا تقبل فرض حلول للأزمة السورية وخطوات أحادية الجانب في عملية التسوية»، مشيرة الى ان خطوات واشنطن الخاصة بتشكيل لجان العمل الفرعية «تجربة فاشلة». واضافت ان هذه اللجان لم تتضمن مشاركة كل من إيران والعراق ولبنان وإيطاليا والاتحاد الأوروبي. ووفق المعلومات المتوافرة ل «الحياة»، يتوقع نشوب «حرب مبادرات» بين الوزراء في فيينا، كان بينها خطة روسية تضمنت قيام الحكومة والمعارضة بإجراءات إصلاح دستوري وإجراء انتخابات في غضون 18 شهراً، من دون استبعاد مشاركة الرئيس بشار الأسد فيها، فيما يركز وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي في تحركه على محاولة ترتيب إعلان «وقف فوري للنار» واعتبار أي فصيل يقف ضده «إرهابياً»، إضافة إلى تشكيل هيئة انتقالية من الحكومة والمعارضة «تحت مجلس رئاسي سوري». واقترحت دول فاعلة أفكاراً تتضمن التمييز بين مرحلتي التفاوض والتحول السياسي، بحيث يجري التفاوض في فترة تمتد بين 4 و6 شهور لتشكيل هيئة حكم انتقالية «تسحب» الصلاحيات من الأسد قبل بدء مرحلة انتقالية تستمر 18 شهراً تنتهي بانتخابات رئاسية بعد إصلاحات دستورية وسياسية، فيما تقترح القاهرة إجراءات متبادلة من الثقة بين الحكومة والمعارضة وتجميد القتال وتأسيس «حكومة مشتركة» بصلاحيات تنفيذية كاملة، إضافة إلى إعلان دستوري موقت تعقبه هيئة تأسيسية وانتخابات رئاسية. ويتوقع أن يشهد اجتماع فيينا أيضاً «مواجهة قوائم» إزاء «التنظيمات الإرهابية» و«المعارضة الشرعية» وسط تمسك الدول الغربية بقائمة الأممالمتحدة التي تشمل «داعش» و«جبهة النصرة». وبالنسبة إلى المعارضة السياسية، أعدت موسكو قائمة ضمت 38 شخصاً معارضاً بينهم قادة في «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، حاليون وسابقون، مثل خالد خوجة ومعاذ الخطيب وهادي البحرة وقياديين في معارضة الداخل ورئيس «الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير» قدري جميل المقيم في العاصمة الروسية، فيما جرى تداول قائمة أخرى ضمت 25 اسماً بينهم مسؤولون حاليون وسابقون لا يزالون في دمشق. وقال جميل أمس: «الوفد المفاوض بالمعارضة سيكون أصغر من ذلك (38 معارضا)، لذلك يحتاج الأمر إلى نقاش، وستقرر الأممالمتحدة في نهاية المطاف أن يكون الوفد تعددياً يمثل كل طوائف المعارضة فيه»، لافتاً إلى أن الحكومة الانتقالية يجب أن تشكل ب «الرضا المتبادل» بموجب «بيان جنيف»، علما أن المعارضة تمثلت في مفاوضات «جنيف- 2» بداية العام الماضي عبر «الائتلاف» فقط. وربطت إيران مشاركتها في اجتماع فيينا الذي انضمت إليه دول أخرى مثل اليابان، بنتائج المشاورات التي يجريها نائب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان مع بن علوي في مسقط امس. في نيويورك، نفت لجنة دولية لتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الإنسان في سورية برئاسة باولو بينيرو، أن تكون الحكومة السورية أوقفت أو خفضت وتيرة القصف بالبراميل المتفجرة، مؤكدة أن «استخدام هذه البراميل في قصف المدنيين ازداد في الأشهر الأخيرة»، وهو ما يعد «جريمة حرب». وشدد بينيرو على ضرورة «عدم وضع المحاسبة على الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المقعد الخلفي» أثناء البحث في الحل السياسي للأزمة السورية في اجتماعات فيينا. وقال مسؤول في الأممالمتحدة إن اللجنة وثقت «ارتفاع عدد الغارات الجوية في سورية الشهر الماضي، خصوصاً في مناطق حلب وحماة وحمص»، من دون أن تحدد ما إذا كانت هذه الغارات روسية أو من القوات الحكومية السورية. أشاد خمسة نواب فرنسيين يقومون بزيارة إلى دمشق الخميس ب «فاعلية» التدخل العسكري الروسي، في موقف يخالف تماما مواقف الحكومة الفرنسية. وصرح نيكولا دويك من حزب الجمهوريين بزعامة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إثر لقاء مع رئيس البرلمان السوري جهاد اللحام لصحافيين، بأن «روسيا تقود سياسة خارجية واقعية وهي تعمل لما فيه مصلحة السلام». ميدانياً، حققت قوات النظام السوري تقدماً أمس في ريف حلب الجنوبي، إذ تمكنت بعد أسابيع من المعارك من السيطرة على بلدة الحاضر المهمة وتقدمت منها نحو بلدة العيس المجاورة، لتكون بذلك باتت على مسافة قريبة جداً من أوتوستراد حلب- دمشق ومن بلدتي الفوعة وكفريا اللتين تضمان شيعة موالين للنظام وشملتهما هدنة أبرمتها إيران و «حركة أحرار الشام الإسلامية» في إسطنبول قبل أسابيع.