أظهرت نتائج انتخابات نقابة المحامين في مصر التي أعلنت نتائجها أول من أمس أن قطاعاً كبيراً من أنصار جماعة «الإخوان المسلمين» شارك للمرة الأولى في استحقاق انتخابي منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) الماضي. واقتصرت المنافسة في تلك الانتخابات على النقيب سامح عاشور والمحامي البارز منتصر الزيات. والأول من أشد معارضي جماعة «الإخوان»، والثاني محسوب على التيار الإسلامي، وهو محامي مرشد «الإخوان» محمد بديع وعدد من قادة الجماعة في اتهامات عدة يمثلون بسببها أمام المحاكم، لكنه ليس عضواً في الجماعة. وعلى رغم أن عاشور فاز على الزيات في تلك الانتخابات، إلا أن الأخير حصد أكثر من 17 ألف صوت في الاقتراع، مقابل أكثر من 22 ألفاً لعاشور، علماً بأن الزيات كان نال ثقة نحو 10 آلاف محامٍ في آخر انتخابات للنقيب في العام 2011. وينخرط «الإخوان» في نقابة المحامين في ما يعرف باسم «لجنة الشريعة» التي كانت أعلنت قبل الاقتراع بفترة مقاطعة تلك الانتخابات، لكن النتائج التي حصل عليها الزيات تظل مؤشراً على مشاركة، ولو محدودة، من قبل أنصاره من الإسلاميين. وطالما اعتبرت النقابات المهنية والجامعات «فناء خلفياً» لجماعة «الإخوان» التي ينشط أعضاؤها فيها للسيطرة على نتائج انتخاباتها. وأُطلقت انتخابات اتحادات طلاب الجامعات المصرية بعد توقفها لعامين متتاليين بسبب الأوضاع الأمنية التي ظلت مضطربة في الجامعات في أعقاب عزل مرسي. وتُجري الأجهزة الأمنية تحريات على طالبي الترشح في تلك الانتخابات، قبل إعلان الكشوف النهائية للمرشحين، بعدما تم تعديل اللائحة الطلابية بما يسمح لأجهزة الأمن بشطب أي مرشح تثور شكوك حول انتمائه إلى جماعة «الإخوان»، إذ نصت على «عدم ترشح أي طالب ينتمي إلى جماعة إرهابية»، علماً بأن جماعة الإخوان مُصنفة إرهابية في مصر. وأعلنت أسر طلابية محسوبة على «الإخوان» مقاطعة الانتخابات، لكن أسراً أخرى محسوبة على التيار الإسلامي طرحت مرشحين فيها. أما النقابات المهنية، فظهر أن قراراً من الجماعة اتخذ بالعودة إلى ساحتها مرة أخرى، وإن كان يصعب الإقرار بذلك الأمر، إذ إن الجماعة ترى أن عزل مرسي «انقلاب عسكري»، وأي استحقاق انتخابي يُجرى في ظله باطل. وتبدو مؤشرات هذا القرار جلية في نسبة المشاركة في انتخابات نقابة المحامين الأخيرة، مقارنة بانتخابات نقابة الأطباء التي جرت الشهر الماضي وشهدت عزوفاً لافتاً وبلغت نسبة المشاركة 6 في المئة فقط، فيما ناهزت نسبة المشاركة في انتخابات نقابة المحامين 25 في المئة. وأقر محامي جماعة «الإخوان» محمد طوسون باحتمال مشاركة محامين من الجماعة في تلك الانتخابات. وقال ل «الحياة»: «بداية لا يوجد في نقابة المحامين تيار باسم الإخوان، فمحامو الإخوان منضوون تحت لجنة الشريعة التي أعلنت مقاطعة الانتخابات، لأن عدداً كبيراً من أعضائها إما قيد الاعتقال أو مطلوب لأجهزة الأمن، ومن ثم قررت اللجنة المقاطعة خشية إيذاء أعضائها». وأوضح أن «اللجنة تضم محامين من الإخوان ومن غير الإخوان، حتى أن فيها محامين أقباطاً». وأضاف: «ليس كل الأعضاء يلتزمون بقرار اللجنة، من الجائز أن تعلن اللجنة رأياً يخالفه بعض أعضائها، وأعتقد بأن هذا ما حدث، لكن في نطاق ضيق. أنا ضد سياسة القطيع، فلكل فرد أن يجتهد برأي، ومن يرى المشاركة فلا مانع في ذلك». لكن معروف عن جماعة الإخوان أن قراراتها تُتخذ في شكل مركزي، وغالباً ما يلتزم أعضاؤها بالقرار. غير أن طوسون قال: «لا يمكن أن يكون هناك انصياع تام من مجموعة لقرار تنظيمي، والانصياع التام في رأيي أمر غير صحي، علماً بأن قرار لجنة الشريعة لا يُلزم أعضاءها في شيء». لكن محامي «الجماعة الإسلامية» محمد ياسين قال ل «الحياة»: «شاركنا في انتخابات نقابة المحامين بقوة». و «الجماعة الإسلامية» أبرز حلفاء جماعة «الإخوان»، وأهم مكونات «تحالف دعم الشرعية» الذي أنشأه «الإخوان» في أعقاب عزل مرسي. وأوضح ياسين: «شاركنا في الانتخابات، ومرشح الجماعة لمجلس نقابة المحامين في الأقصر (جنوب مصر) تمكن من الفوز، وهناك ممثلون في مجالس أخرى. أما في ما يخص الاقتراع فكثير من الإخوة شارك فيه». وأشار إلى أن «الإخوان قالوا لن نشارك في الانتخابات، ولكن عملياً جماعة الإخوان شاركت. أحد مشاكل الإخوان الرئيسة أنهم يخالفون ما يُعلنون، يقولون لن نشارك، وتفاجأ بأنهم يشاركون، أو ربما يعلنون المشاركة، ويوجهون أنصارهم بالمقاطعة».