أكد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أن لبنان يمر بأزمة سياسية حادة، نتيجة شغور موقع رئاسة الجمهورية منذ عام ونصف العام، آملاً بأن «تتمكَّن القوى السياسية، من التوافق على انتخاب رئيس لوضع حد للخلل في مؤسساتنا الدستورية». لكنّه أكّد أن «هذه الأزمة، لم تنعكس على وضعنا الأمني، بفضل التضحيات التي يبذلها جيشنا وقوانا الأمنية في المعركة مع الإرهاب». وشكر «المملكة العربية السعودية، التي ساهمت مساهمة كبيرة في المساعدة على إرساء الأمن والاستقرار في بلادنا، بفضل معوناتها إلى الجيش والقوى الأمنية». كلام سلام جاء خلال كلمة له في قمة الدول العربية ودول أميركا الجنوبية في الرياض، حيث التقى نظيره الكويتي الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح في حضور الوفدين اللبناني والكويتي لبحث التطورات الاقليمية، وولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. ولاحقاً التقى رئيسي فنزويلا نيكولا مادورو والاكوادور رافاييل كوريا. وكان التقى مساء أول من أمس الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس، قبل افتتاح أعمال القمة. وقال سلام في كلمته في ما يخص الأزمة السورية تحديداً إن «لبنان الذي التزمت حكومته ولا تزال، سياسة النأي بالنفس تجاه ما يجري في سورية، يعتبر أن حل هذه المشكلة يكمن في تسوية سياسية، تضع حداً لسفك الدماء، وتحقّق طموحات الشعب السوري في العيش بسلام وحرية وكرامة». وأعلن «تأييد الجهود الديبلوماسية التي تبذلها الدول المعنية بالأزمة السورية»، آملاً بأن «يؤدي المسار الذي بدأ في فيينا، إلى فتح نافذة تؤدي إلى حلّ يعيد الأمن والسلام إلى ربوع سورية». وأشار إلى «أننا نعاني من وجود نحو مليون ونصف مليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية، يشكلون عبئاً لا مثيل له في العالم بالنسبة إلى بلد بحجم بلدنا الذي يواجه هذا التحدي، بإمكاناته المحدودة وبمساعدات من الجهات المانحة، لا ترقى للأسف إلى المستوى المطلوب بعد»، لافتاً إلى أن «حجم التّحديات التي تواجهنا كبير. فالإرهاب والتهجير والفقر والتنمية والأمن الغذائي والصحة والتعليم والتغير المناخي، كلها وصلت إلى مستويات تحتم علينا تبني ردود فورية مشتركة». ورأى أن «مفتاح هذه الردود هو الإرادة السياسية، ومصلحتنا المشتركة تقتضي إدراك أهمية الاستقرار الذي لا يمكن تحقيقه من دون اعتماد السياسات التنموية الشاملة ونهج الإعتدال، الذي هو نقيض التطرف المسبب لعدم الاستقرار». وقال: «الإعتدال لن ينتصر على التطرف، إلا بإحقاق الحق ورفع الظلم التاريخي، الذي يتجسَّد في منطقتنا بمأساة الشعب الفلسطيني. هذا الأمر لن يتحقق إلا بإقامة سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط، يعطي الأمل للشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة». وأشار سلام إلى «الأحداث البالغة الخطورة التي تشهدها المنطقة العربية وتسببت بخسائر هائلة في الأرواح والممتلكات، وانهيار هياكل الدولة المركزية، وتفتيت الكيانات الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي فيها»، مؤكداً أن «الشرق الأوسط، شكَّل على الدوام حاضنة رائعة لتعايش القوميات والأديان، لكنه بات للأسف مرتعاً للإرهاب الظلامي الذي يعيث فساداً باسم الدين الإسلامي العظيم». وتابع: «هذا المشهد المريع معرض للإستمرار والتفاقم لسنوات طويلة، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر على الدول المحيطة بمناطق النزاع، بل على العالم أجمع»، معتبراً أن «الحلول لا تكمن في الاستمرار بالتقاتل، ولن تأتي إلا من طريق مسارات سياسية تتولاها شعوب الدول المعنية، بمساعدة الأسرة الدولية». وأشار سلام إلى أن «قادة الدول العربية ودول أميركا الجنوبية المجتمعين هنا اليوم، يمثلون بليون إنسان ووزناً إقتصادياً يقارب الثمانية آلاف بليون دولار. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف لنا أن نستثمر هذه القدرة الجبارة لتحسين ظروف عيش الناس في بلداننا؟ الجواب هو: تزخيم التعاون بين الجانبين». وقال: «في قمة ليما الأخيرة، تم اقتراح آليات للتعاون، من بينها إقامة مصرف استثماري يموّل من القطاعين الحكومي والخاص، ليتولى مشاريع التنمية الكبرى في المنطقتين». وشكر «خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لاستضافته هذا المؤتمر، الذي يشكّل أداة فريدة للتعاون الإقتصادي والتبادل الثقافي بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية». وأكد أن «لبنان يشعر بأنه يحظى في هذه القمة بميزة خاصة، بسبب الحضور الراسخ للجاليات اللبنانية في العالم العربي وأميركا الجنوبية، الذي يسمح لها بلعب دور صلة الوصل بين الجانبين».