كندا والمكسيك تفرضان رسوماً جمركية على الولايات المتحدة    بعد إنجازه في دكار... يزيد الراجحي يكتب التاريخ بفوزه الثامن في حائل    الانحراف المفاجئ يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في منطقة الرياض    المياه الوطنية تضخ المياه المحلاة إلى حي المروج في محافظة القريات    أحمد الشرع يصل السعودية.. اليوم    مدير تعليم الطائف يتابع تطبيق الزي الوطني السعودي في المدارس الثانوية    7 مستشفيات سعودية ضمن قائمة "براند فاينانس"    "السعودية للكهرباء" تُسوِّي جميع التزاماتها التاريخية للدولة بقيمة 5.687 مليار ريال وتحوِّلها إلى أداة مضاربة تعزِّز هيكلها الرأسمالي    لماذا تُعد الزيارات الدورية للطبيب خلال الحمل ضرورية لصحة الأم والجنين؟    تجمع حائل الصحي يحقق جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية السعودي 2025    رياح نشطة وأمطار متفرقة على بعض المناطق    انطلاق فعاليات مهرجان العسل العاشر في جازان    «سلمان للإغاثة» يدشن مشروع توزيع مواد إيوائية في باكستان    مبعوث ترامب: أمريكا تريد من أوكرانيا إجراء انتخابات بعد وقف إطلاق النار    إيماموف يحسم مواجهته مع أديسانيا بالضربة القاضية    إعلان المرشحين لجائزة الجمهور لأفضل محتوى رقمي    جامعة الملك عبدالعزيز تُتوج ببطولة تايكوندو الجامعات    وكالة "فيتش" : التصنيف الائتماني للمملكة عند A+    البريطاني «بيدكوك» بطلًا لطواف العلا 2025    في الجولة 18 من دوري روشن.. الاتحاد يقلب الطاولة على الخلود.. والفتح يفرمل القادسية    سعد الشهري.. كلنا معك    نيمار يواجه ميسي في «القمة اللاتينية»    "معرض المنتجات" بالكويت يناقش التحديات التصديرية    «السداسية العربي»: لا للتهجير وتقسيم غزة    موكب الشمس والصمود    الزي المدرسي.. ربط الأجيال بالأصالة    الأحساء صديقة للطفولة يدعم جمعية درر    ملاجئ آمنة للرجال ضحايا العنف المنزلي    «بينالي الفنون».. سلسلة غنية تبرز العطاء الفني للحضارة الإسلامية    مهرجان فنون العلا يحتفي بالإرث الغني للخط العربي    إنفاذًا لتوجيه سمو ولي العهد.. إلزام طلاب المدارس الثانوية بالزي الوطني    الأسرة في القرآن    ذكور وإناث مكة الأكثر طلبا لزيارة الأبناء    ثغرة تعيد صور WhatsApp المحذوفة    إنتاج العسل    وفاة صاحبة السمو الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    خيط تنظيف الأسنان يحمي القلب    غالب كتبي والأهلي    عندما تتحول مقاعد الأفراح إلى «ساحة معركة» !    ضوء السينما براق    أسرتا العلواني والمبارك تتلقيان التعازي في فقيدتهما    إعلاميات ل«عكاظ»: «موسم الرياض» يصنع التاريخ ب«UFC السعودية»    تفسير الأحلام والمبشرات    من ملامح السياسة الأمريكية المتوقعة..    نصيحة مجانية للفاسدين    أمير حائل ونائبه يعزّيان أسرة الشعيفان بوفاة والدهم    رحيل عالمة مختصة بالمخطوطات العربية    حزين من الشتا    رحل أمير الخير والأخلاق    خالد البدر الصباح: وداعًا أمير المواقف الشجاعة    ندوة عن تجربة المستضافين    الرويلي يفتتح المسابقة الدولية العاشرة في حفظ القرآن الكريم للعسكريين    3134 امرأة في قوائم مخالفي الأنظمة    خيرية هيلة العبودي تدعم برنامج حلقات القرآن بالشيحية    ممثل رئيس الإمارات يقدم واجب العزاء في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز    أمير الرياض يعزّي في وفاة الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا حادثة اصطدام الطائرتين في واشنطن    نيابة عن أمير قطر.. محمد آل ثاني يقدم العزاء في وفاة محمد بن فهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متسولون ومجانين في شوارع دمشق و«طبخة اليوم» مهمة مستحيلة
نشر في الحياة يوم 09 - 11 - 2015

لم يكن سكان دمشق، الأصليون والنازحون، يتوقعون هذا الانقلاب الجذري في حياتهم ومشاهدة بعض أبناء جلدتهم يبحثون في حاويات القمامة عن لقمة عيش أو يتسولون في الشوارع ولا أن تلجأ فتيات إلى «بيع الهوى» لتوفير متطلبات العيش، فيما يعيش آخرون من أبناء جلدتهم برخاء ويرقصون في حانات ناهضة فوق بعض الفنادق.
زائر دمشق يشعر للوهلة الأولى بأن الأوضاع تسير في شكل طبيعي. وأوّل ما يلفت نظره طوابير السيارات على حواجز عناصر الجيش والاستخبارات و»قوات الدفاع الوطني» للتفتيش قبل المرور البطيء في شوارع العاصمة السورية. لكنه ما أن يمضي يومين أو ثلاثة حتى يبدو الوضع أكثر وضوحاً لناحية «العناء» و»المرارة» التي يتكبدها من تبقى في عاصمة الأمويين لتيسير حياتهم اليومية. إذ بات تأمين المياه مهمة بحذ ذاتها يبدأ بها معظم سكان العاصمة صباحاتهم، بعد النقص الحاد في الكميات التي يجري ضخها من المحطات الرئيسة إلى دمشق وضواحيها، وغالباً ما تكون مدة ضخها من ساعتين أو ثلاثة، تبدأ من السادسة صباحاً وحتى الساعة الثامنة أو التاسعة.
لا تنتهي مشكلة المياه بضخها إلى الأحياء، لأن ضخها غالباً ما يكون ضعيفاً. اذ يحتاج أصحاب المنازل الى مضخات صغيرة لضخها الى الخزانات خصوصاً ممن يقطنون في طوابق مرتفعة. وهنا يكون لبرنامج تقنين التيار الكهربائي الذي اعتاد عليه الجميع دوراً حاسماً في ضخ المياه، فالأحياء التي يتوافق توافر التيار الكهربائي مع موعد ضخ المياه من الشبكة الرئيسية يكون لها الحظ الأوفر في تأمين المياه. أما الأحياء التي يتزامن فيها موعد ضخ المياه مع موعد تقنين التيار الكهربائي، على سكانها المسارعة الى استجداء القليل من المياه من الأحياء ذات الحظ الأوفر، أو من المنازل التي تمتلك مولدات كهربائية، أو شرائه من السيارات المتنقلة التي أصبحت تملأ شوارع العاصمة، وغالباً ما يبتزّ اصحابها المواطنين ويبيعونهم المتر المكعب بأسعار تصل الى اضعاف مضاعفة عما تحتسبه الحكومة. ووفق تصريحات رسمية، فإن «المؤسسة العامة لمياه الشرب» في دمشق وريفها تضخ يومياً كمية 340 ألف متر مكعب من المياه، اي ما نسبته 40 في المئة من حاجة مدينة دمشق من المياه.
بعد تأمين المياه تبدأ المهمة الثانية لرب الأسرة وهي مرافقة معظم الآباء لأبنائهم خصوصاً منهم الإناث إلى المدارس خوفاً من حالات الخطف بغرض الفدية التي انتشرت في البلاد منذ اندلاع الأحداث، لتأتي بعد ذلك مهمة جلب الخبز التي يعاني فيها رب الأسرة الأمرّين بسبب الانتظار الطويل نظراً إلى الازدحام الكبير على المخابز و»المحسوبيات» التي تمارس في عملية البيع، ذلك أن الأولية لعناصر الجيش و»قوات الدفاع الوطني» و»باعة الأرصفة» من أطفال ونساء الذين غالباً ما يكونون مرتبطين مع باعة الأفران أو «لجان الدفاع الوطني». بعد ذلك، يأتي دور المواطن العادي، الذي يكون قلبه في تلك اللحظة قد عانى الأمرّين لتأمين ربطتين أو ثلاثة.
أما الذهاب إلى الوظيفة والعمل، فبات قضية أخرى مع الازدحام الكثيف على الحافلات الكبيرة والتدافع الكبير الذي يحصل للصعود إليها وفي داخلها، عدا عن الوقت الطويل (من ساعة إلى ساعة ونصف الساعة) الذي تستغرقه الرحلة لقطع المسافة بين أطراف العاصمة ووسطها (بين 4 و6 كيلومترات) لوصول الحافلة إلى وسط المدينة بسبب الحواجز، الأمر الذي دفع الكثير من المواطنين الى الذهاب مشياً على الأقدام أو اقتناء دراجات هوائية للذهاب نظراً إلى ارتفاع اجور التكسي الذي يأتي على خلفية ارتفاع اسعار «البنزين». لا يتردد بعضهم في الاستحمام في دورات المياه (مراحيض) الدوائر الحكومية للإفادة من المياه والكهرباء غير المتوافرين في المنازل.
ما سبق يشكل «نقطة في بحر» قضية تأمين «طبخة اليوم»، اذ ان غالبية المواطنين يعانون من ارتفاع الأسعار الجنوني على خلفية الانخفاض المتواصل لسعر صرف الليرة السورية امام العملات الأجنبية وعدم تناسب مداخيلهم الشهرية مع هذا الارتفاع. يصل سعر صرف الليرة حالياً أمام الدولار الأميركي في السوق السوداء إلى نحو 362 ليرة بعد ان كان قبل الأزمة ما يقارب 50 ليرة، في حين يبلغ راتب الموظف في أحسن الأحوال ما يقارب 35 الف ليرة. وعملت السلطات اكثر من مرة منذ اندلاع الثورة على زيادة مراتبات الموظفين لكن هذه الزيادة لم تتناسب مع ارتفاع الأسعار.
الموظف الذي تتألف عائلته من خمسة أشخاص، وخلال تجوله في سوق الخضار يجد نفسه في حيرة من أمره ازاء ماذا يشتري، فلوازم أبسط «طبخة» تكلفه اكثر من 1200 ليرة، ذلك أن الكيلو غرام الواحد من البطاطا يبلغه سعره نحو 140 ليرة، فيما يبلغ سعر 200 غرام من اللحمة 500 ليرة عدا عن متممات الطبخة من سمنة وزيت وبهارات ومقبلات، على حين كانت مثل هذه الطبخة لا تكلف قبل الأحداث اكثر من 200 ليرة. ويصل سعر الدجاج المشوي الى 1500 ليرة والمقلي إلى اكثر من ألفي ليرة، فيما كان سعر الأول قبل الأحداث 200 ليرة والثاني 250 ليرة.
اللافت، في ظل هذا الارتفاع غير المسبوق للأسعار الإقبال الذي تشهده محال بيع اللحوم وشندويتش «الشاورما» والدجاح النيّء والمشوي والمقلي والكميات التي يبتاعها المواطنون منها. ويعتقد بعضهم بأن الموظف في ظل هذه الحالة ومهما بلغ راتبه لا يستطيع شراء الدجاج المشوي او اللحم أكثر من مرة كل 15 يوماً وربما في الشهر وكثيراً ما يستغني عنه ان كان مهجّراً ويسكن بالإيجار، وبالتالي من يقبلون على تلك المحال في شكل شبه يومي هناك إشارات استفهام كبيرة حول مصدر دخلهم في ظل انتشار حالات سرقة السيارات ونهب البيوت التي هجرها أهلها.
ويلاحظ انتشار ظاهرة التسوّل الى حدّ كبير في شوارع دمشق... لا بل وصل الأمر إلى مشاهدة أطفال ونساء وشيوخ يبحثون في أكياس القمامة أمام البيوت والحاويات عن بقايا طعام. كما يشاهد كثيرون وقد فقدوا عقلهم يتجولون في حدائق دمشق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.