تدور عدسة رشا شربتجي حالياً حول «الغجر»، تسمية ما زالت مشردة مثلها مثل أصحابها. اللبس والغموض دائمان حول أصلهم وعاداتهم وهويتهم، لذا فإنّ موقع التصوير الأساسي هو مخيّم غجر في منطقة البربارة اللبنانية، بناه مهندس الديكور الشهير ناصر جليلي، ليكون ستوديو مسلسل «سمرا» من تأليف شركة الصبّاح ونص من كتابة كلوديا مرشليان ممتد على مدى ستين حلقة، يبدأ عرضها في منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل. ورغم اختيارها فضاءً رحباً للدراما، لا تغوص صفحات الكاتبة عميقاً في خبايا الغجر، بل تلامس الخطوط العريضة كحرمانهم أو عدم حيازتهم هوية واضحة ورسمية، من دون التطرّق إلى تفاصيلهم الخاصة جداً، مثلاً الغجري يقدم لفافة عنقه إلى من يطلب يدها، فإذا ارتدتها عنت الموافقة، علماً أن تقاليدهم تختلف بعض الشيء في البلدان التي يهيمون فيها، كما تختلف تسميتهم أيضاً، ففي لبنان يسمّونهم «النًَوَر» على سبيل المثل. وترّكز مرشليان حبكتها الدرامية حول قصة حب ممنوع بين عالمين مختلفين، يشهدان صراعات في ما بينهما وفي كل منهما، فتختار المخرجة السورية بطلتها ملكة جمال لبنان السابقة نادين نسيب نجيم، الممثلة السمراء، لتكون «سمرا» مقابل البطل الأشقر، الممثل المصري أحمد فهمي، إلى جانب عدد من النجوم اللبنانيين والسورييّن، على رأسهم القديرات: منى واصف وسمر سامي وختام اللحّام، وطوني عيسى ونهلا داوود وباميلا الكك وخالد السيد وآية طيبة ووسام حنّا. تعرّف شربتجي في مقابلة مع «الحياة»، العمل بأنّه «لا يتناول تفاصيل الحياة الغجريّة، بقدر ما يضيء على المشكلات التي يعانون منها»، معتبرةً أنّ «سمرا» سيساهم في تغيير النظرة الغريبة التي يكنّها الناس للغجر «الذين يشبهوننا كثيراً وهم بشر مثلنا تماماً، لكنّ ظروفهم القاسية فرضت عليهم التنقل والحرمان من الهويّة». وتضيف شربتجي أن العمل «يحاول قدر المستطاع الإضاءة على عاداتهم الأساسية، ومشكلتهم الكبيرة بفقدانهم الهويّة وحرمانهم من الحقوق الأساسية»، مشيرةً الى أنّ «الدراما تجمّل الواقع دائماً مهما حاولنا إظهار قسوته. وتُضيف في هذا السياق: «في «سمرا» يمكنني أن أعتبر أننا ننقل الواقع ولكن بلطف». وتشير إلى أن كاتبة العمل زارت مخيماً للغجر وتعرّفت على عاداتهم وتقاليدهم وأفكارهم وطريقة حياتهم أثناء كتابتها ل»سمرا». من جهتها، تعبّر نجيم عن سعادتها إزاء تجسيد دور البطولة في العمل، بخاصةً أنه يجمعها للمرّة الأولى بمخرجة أنثى. وفي هذا الإطار تقول ل«الحياة»: «أشعر ان كلّ شيء في التصوير مختلف وناعم، وشربتجي مخرجة ناجحة ومميزة وأعمالها السابقة خير دليل على ذلك». هذه المعادلة تمتد بين البطلة والمخرجة والكاتبة في تجربة قد تعتبر نسوية إلى حد ما من حيث البنية والمضمون إذا ما ربطناها بأحداث العمل التي تكشف مواقف كثيرة لنساء عدة أمام عنف رمزي وجسدي. وتصف نجيم دورها ب»الجديد والجميل»، وتُضيف: «أنا أجسد دور غجريّة تعمل كراقصة مع شقيقتها لجمع المال، وتجمعها الظروف بشاب من خارج بيئتها ومحيطها، فتعشقه وتتحدى كل شيء لتبقى معه، وهو عضو منظمة «أطباء بلا حدود» (أحمد فهمي). وتكشف عن ملامح «سمرا» فتقول: «هي فتاة قويّة، تحب الحياة وتتمنى العيش في ظروف أخرى، ترفض الرضوخ لأي أحد، وتقرر المحافظة على حبها وحمايته، تماماً بعكس ما حصل مع والدتها التي قتلت لأنها أحبّت رجلاً من خارج القبيلة». تعيش نجيم في تصوير «سمرا»، تجربة جديدة ومختلفة وفي ظروف صعبة تلائم الحياة الغجرية. وتشير الى أنه لم يزعجها أثناء التصوير إلا «الجوّ الحار وقلّة النظافة وانعدام سبل الراحة الموجودة أثناء التصوير»، مؤكدة أنّها اعتادت على ذلك: «أنا كممثلة يجب أن أؤدي كل الأدوار، وهذه الأجواء التي نعيشها في تصوير «سمرا» ساعدتني على اتقان الشخصية بشكل أكبر والتعرّف على حياة الغجر التي كنت أجهلها تماماً». وتضيف: «هم يعانون كثيراً، وكما يقال: في الصيف حريق وفي الشتاء غريق». وعن الديو الذي يجمعها مع أحمد فهمي في العمل تقول: «هو شخصية مميزة ومختلفة وقريب من القلب كثيراً، ولديّ أمل كبير ان الجمهور سيحبّنا معاً». ويكشف طوني عيسى عن دوره ل»الحياة»، قائلاً: «أؤدي دور «سيف»، زعيم القبيلة وابن عم سمرا في الوقت عينه، شخص قوي ورصين وحاد، ينافس على حب ابنة عمه القوية أيضاً». وتتحدث آية طيبة عن دورها فتقول: «أؤدي شخصية «ميمو»، شقيقة «سيف» و»ليث» (جنيد زين الدين) اللذين يزوجانها لأحد مهربي المخدرات غصباً عنها، قبل أن تضطر للهروب منه حيث تبدأ الأحداث بالتصاعد»، مضيفة: «تتصف الشخصية بالبساطة والسذاجة إلى أن تتعرض إلى حادث أليم جداً، يحولها إلى إنسانة عنيفة وقوية جلّ همها الإنتقام من كل من آذاها».