يتخوف الناس حول العالم من أن يقضي التطور التكنولوجي، وخصوصاً في مجال صناعة الروبوتات والبرمجيات المزودة بالذكاء الاصطناعي، على الأعمال والوظائف التي نعرفها. وأفاد تقرير نشرته قبل حوالى سنتين جامعة «أوكسفورد» البريطانية، بأن هذه الروبوتات والبرمجيات ستقضي على 47 في المئة من الوظائف. لكن تقريراً جديداً صدر عن مركز «ماكينزي» الأميركي، جلب بعض الراحة إلى نفوس المتخوفين، إذ أفاد بأن التطور التكنولوجي لن يقضي على الأعمال التي نعرفها، ولن يؤدي الى احلال روبوتات مكان البشر في أعمالهم، إنما سيسهم في إعادة تشكيل هذه الأعمال. ويأتي التقرير الذي نشر يوم الجمعة الماضي، وأعده اثنان من معهد «ماكينزي العالمي» وموظفون آخرون من أعضاء المعهد، ليعيد إطلاق النقاش حول الطبيعة المحتملة لوتيرة التشغيل الآلي في مكان العمل. وسادت النقاشات مخاوف من التطور الذي بلغته التكنولوجيا اليوم، تستند أساساً على افتراضين، أولهما أن سرعة التقدم في مجال البرمجيات الرقمية والأجهزة صارت أسرع مما كانت عليه في موجات سابقة من التغير التكنولوجي، وثانيهما أن البرامج والأجهزة الذكية أصبحت قادرة بشكل متزايد على أتمتة المهام المعرفية، وليس فقط المادية. وأدى ذلك إلى شيوع اعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي، يشكل نوعاً جديداً من تهديد فرص العمل، ليس فقط من طريق استبدال الجهد العضلي، ولكن العقول أيضاً. وأحدثت بحوث «ماكينزي» نوعاً من التأثير الإيجابي، على مدى 3 إلى 5 سنوات القادمة على الأقل، وهي الفترة الزمنية التي شملها تحليل التقرير، ووجد البحث أن أقل من 5 في المئة من الوظائف يمكن أن يصبح آلياً تماماً. ويقول مايكل تشوي، وهو مدير في معهد «ماكينزي» والمؤلف المشارك للتقرير، إن «الوقت قد حان لأتمتة المهام، ولكن ليس في الوظائف ذات الأجور المنخفضة، بل في الوظائف ذات الأجور المرتفعة والوظائف ذات المهارات العالية التي تتطلب قدراً كبيراً من النشاط، والذي يمكن أن يكون آلياً». ويذكر التقرير أن هناك وظائف يمكن أن تكون آلية جزئيا بنسبة حوالى 20 في المئة، مثل جزء من المهام التي يقوم بها الأطباء والمديرون الماليون وكبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات. ومن هذه المهام التي يمكن أن تكون آلية، تقارير تحليل البيانات واتخاذ قرارات التشغيل، وإعداد مهام الموظفين ومراجعة تقارير الحالة. ووفقاً ل «ماكينزي»، فإن العمل في الحدائق والمتنزهات العامة، والعمل في مجال الرعاية الصحية المنزلية، من بين أقل المهن عرضة للأتمتة. وقال إريك برينجولفسون، وهو أستاذ في معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا»، إن «التقرير يجعل من المنطقي أن ننظر إلى الأتمتة نظرة مهمة، باعتبارها وسيلة للتفكير لإعادة تشكيل الوظائف». وشدد القائمون على التقرير، على أهمية الأتمتة في إثراء العمل، وجعل الناس يتفرغون أكثر للتركيز على المزيد من المهام الإبداعية. ويبدو أن هناك حيزا واسعا للتحسن في هذا المجال. وكان عالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكنغ حذر من «أن خطر الذكاء الاصطناعي على مستقبل البشر يفوق الأسلحة النووية». وأبدى هوكنغ تخوفه من تطوير شيء يمكنه إعادة هيكلة نفسه بشكل سريع يفوق ذكاء البشر المحكوم بتطور بيولوجي بطيء، ما ينهي ربما الجنس البشري. وكانت سلسلة المطاعم الشهيرة «ماكدونالدز» أعلنت أنها تنوي التخلي عن أكبر عدد ممكن من العمال، والاستعاضة عنهم ب «الروبوت». وأضافت أنها بدأت تفكر في أن يحلّ «الروبوت» مكان البشر بدلاً من تحمل كلفة الرواتب الباهظة، إذ أن الروبوتات أقل كلفة، وأداؤها أفضل 50 مرة من البشر، والأهم أنها لا تطالب بأجر ولا تقدم على الاضراب ولا تحتج.