هذه القصيدة كتبها الشاعر عام 1429ه، وكانت بشهادة عدد من النقاد «قصيدة العام»، ليس ذلك لجودتها الفنية فقط، بل لما هو أهم وأجود من ذلك وهو موضوعها غير المسبوق وجدانياً في بيئة الشاعر، حتى أن الشاعر غازي القصيبي قال معلقاً عليها: إن هذه ربما تكون أول وأجمل قصيدة رومانسية كتبها شاعر من صحراء نجد في زوجته، وهو على مشارف التسعين من عمره في بيئة ثقافية «نجدية» لا يكاد الإنسان يسامر زوجته داخل بيته، فكيف يفعل ذلك شعراً وأمام الملأ». أما شاعرها ابن إدريس فيقول عنها: «حصل بيني وبين زوجتي أم عبدالعزيز توافق في المرض، كل منا صار عنده الضعف الصحي، ولا ندري من سيرحل أولاً، وخرجت القصيدة وكانت على مستوى جيد والحمد لله، ولهذا صار لها صدى عجيب». أأرحلُ قبْلَكِ أم ترحلين وتغربُ شمسيَ أم تغربين؟ ويَنْبَتُّ ما بيننا من وجود ونسلك درب الفراق الحزين ويذبل ما شاقنا من ربيع تؤرّجه نفحة الياسمين وتسكب سُحْب الأسى وابلاً على مرقد في الثرى مستكين فإن كُنْتُ بادئ هذا الرحيل فيا حزن رُوحٍ براها الحنين وإن كنتِ من قد طواها المدى فيا فجعةً لفؤادي الطعين لقد كُنتِ لي سعد هذا الوجود ويا سعدنا بصلاح البنين هُمُ الذخر دوماً بهذي الحياة وهم كنزنا بامتداد السنين سلكنا سوياً طريق الحياة وإن شابها كَدَرٌ بعض حين لقد كُنتُ نعم الرفيق الوفيّ وأنتِ كذاك الرفيق الأمين لك الحمد يا رب أن صُغتها خدينة دينٍ وعقلٍ رزين تسابقني في اصطناع الجميل وتغبطني في انثيال اليمين فيا زخَّة من سحاب رهيف ويا نفحة من سنا المتقين حياتي بدونك حرٌّ و قرٌّ وأنتِ على صدق ذا تشهدين وينفضّ سامرنا موغلاً رحيلاً إلى أكرم الأكرمين