2015 عام مميز جداً بالنسبة لشركة سيتروين الفرنسية، وتحديداً شهر تشرين الأول (أكتوبر) الذي شهد مرور 60 عاماً على طرح «أجمل السيارات على الإطلاق» أو الموديل الأيقوني سيتروين DS الذي أطل للمرة الأولى من نافذة معرض باريس الدولي في 5 تشرين الأول 1955. واحتفلت سيتروين منذ مطلع 2015 باطفاء الشمعة ال60 على طرح «إلَهة» الجمال والجاذبية، كما يشير اسمها باللغة الفرنسية، عبر فاعليات وأحداث مهمة، بدءاً من عرض السيارتين الكلاسيكيتين DS21 Prestige لعام 1972 وDS21 Décapotable المكشوفة لعام 1966، إلى عروض DS الحالية في معرض لندن للسيارات الكلاسيكية، مروراً بتخصيص أسبوع خلال أيار (مايو) الماضي حمل اسم «أسبوع DS» للاحتفال بأجمل السيارات التي أُنتجت على مدار تاريخ الصناعة، وغيرها من الفاعليات. ومنذ إطلالتها الأولى في معرض باريس الدولي، أسرت DS «المستقبلية» حواس الزوار جميعهم، والفضل بطبيعة الحال يعود إلى تصميمها الجذاب غير التقليدي، ما أسفر عن تلقّي سيتروين 743 طلباً لاقتناء تلك السيارة في الدقائق ال15 الأولى من عرضها للجمهور، بينما بلغ حجم طلبات الاقتناء في نهاية اليوم الأول من المعرض 12 ألف طلب. وتحمل DS الكلاسيكية التي جاءت خليفة السيارة Traction Avant والمُنتجة منذ عام 1934، بصمات النحات والرسام والمعماري الإيطالي فلامينيو بيرتوني الذي أنشأ مكتب التصميم الأول لسيتروين بعد استقراره في باريس عام 1931. كما تحمل السيارة بصمات مهندس الطيران السابق سائق السباقات أندريه ليفيفير، والنتيجة سيارة سبقت عصرها من خلال تصميم يُشبه أسماك القرش أو المركبات الفضائية التي نراها في أفلام الخيال العلمي، مع مقصورة جذابة يغلب عليها طابع البساطة والأناقة الفرنسية، لا سيما لجهة مقاعدها ذات الارتفاع المنخفض والأشبه بالأريكة المريحة وأرضيتها المسطّحة، فضلاً عن النوافذ الزجاجية العديدة والمقود الأحادي الذراع. «تقنيات المستقبل» لم تسبق DS عصرها على صعيد التصميم فقط، بل على صعيد التقنيات والابتكارات التي قدّمتها إلى عالم السيارات للمرة الأولى. وفي هذا السياق، كانت DS الكلاسيكية المركبة الأولى التي تنتج على صعيد استهلاكي واسع مدعّمة بأقراص كبح أمامية مثبّتة للداخل لخفض الوزن غير المعلّق، مع نظام تعليق مستقل للعجلات الأربع. كذلك كانت DS تعتمد على نظام دفع أمامي للعجلات، ما عدّ أمراً جديداً على عالم السيارات وقتذاك، مع نظام تعليق مائي هوائي قابل للضبط والتعديل، فضلاً عن الاستعانة بعلبة تروس غير مزوّدة بقابض فاصل تعمل بآلية هيدروليكية، والأمر عينه الذي ينطبق على المكابح ونظام التوجيه الكهربائي. ويعتمد نظام التعليق المبتكر للسيارة على وجود سائل هيدروليكي تحت ضغط 172 باراً، مع باقة من الدوائر المليئة بالنيتروجين، حيث يؤازر هذا السائل المضغوط أنظمة التوجيه والكبح وتغيير نسب التروس. معشوقة الجميع وعلى رغم تعثّر الاقتصاد الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن مبيعات عروض DS ظلت في ازدياد ونمو. كما قدّمت سيتروين في عام 1958 لزبائنها نسخة مكشوفة من بابين مع لمسات محسّنة حملت بصمات هنري شابرون، إلى جانب نسخة واغن عملانية خماسية الأبواب تحت اسم Break أو Safari مثلما عُرفت في بريطانيا. وبلغ إجمالي إنتاج عروض الموديل DS نحو 1,5 مليون وحدة حتى عام 1970، مع إنتاجها في بريطانيا وأستراليا وجنوب أفريقيا ويوغوسلافيا إلى جانب فرنسا، إلا أن المبيعات في الولاياتالمتحدة لم تحظ بنجاح كبير، نظراً إلى محرّكها المتواضع سعة 1.9 ليتر وافتقادها تجهيزات «ضرورية» بنظر الأميركيين. وفي عام 1967، أخضعت DS لتحسينات وتعديلات على يدي روبرت أوبرون الذي نجح في إعادة رسم المصابيح الرئيسة وأجزاء خارجية من السيارة، لتصبح أكثر شبهاً بتصميم أسماك القرش. ولم تكن DS سيارة للعامة ونخبة المثقفين من الفرنسيين فحسب، بل أيضاً السيارة المفضّلة للرئيس شارل ديغول (1959 - 1969)، وإليها يعود الفضل في الحفاظ على حياته حين تعرّض لمحاولة اغتيال في آب (أغسطس) 1962 عبر أحياء باريس. فلم تفلح محاولات الإرهابيين بمدافعهم الرشاشة التي اخترقت إطارات السيارة من إيقافها، إذ ساهم نظام التعليق المتطور في «فرار» السيارة من مسرح الاغتيال بأقصى سرعة لها.