رفض نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد فكرة فترة انتقالية لحل الأزمة في بلاده قائلاً إنها موجودة فقط «في أذهان من لا يعيشون على أرض الواقع»، مؤكداً أن حكومته تتحدث عن حكومة موسعة وحوار وطني، في وقت يشتبه النظام السوري في سعي خصومه الى نصب فخ للإطاحة به عبر صناديق الاقتراع على خلفية بيان محادثات فيينا الذي أكد حق ملايين السوريين الموجودين في الخارج بالمشاركة في انتخابات مقبلة محتملة. وجاءت تصريحات المقداد خلال زيارة رسمية لطهران حليفة النظام. وقال المقداد: «نتحدث عن حوار وطني في سورية وحكومة موسعة وعملية دستورية ولا نتحدث نهائياً عما يسمّى بفترة انتقالية». وأضاف: «لم نتلق أي شيء رسمي في ما يخص لقاء الحكومة السورية مع المعارضات». واتفق ممثلون عن 17 دولة بينها الولاياتالمتحدةوروسيا وايران والسعودية خلال اجتماع عقد حول سورية في فيينا الجمعة على بيان من تسع نقاط، نص ابرزها على اجراء انتخابات «باشراف الاممالمتحدة»، على ان يكون لكل السوريين بمن فيهم الموجودون في الخارج حق المشاركة فيها. ويثير هذا البند قلق دمشق من دون ان تتمكن من الاعتراض عليه باعتبار ان ابرز حلفائها، أي روسيا وإيران والصين، هم في عداد الدول الموقعة على بيان محادثات فيينا، الهادفة الى ايجاد تسوية للنزاع الذي يمزق سورية منذ نحو خمس سنوات وتسبب بمقتل اكثر من 250 ألف شخص. ويقدر محللون ان تسهم مشاركة الغالبية العظمى من السوريين الموجودين في الخارج في الانتخابات في ترجيح الكفة على حساب النظام الذي يحتفظ بالسلطة منذ نصف قرن. وبحسب الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش، اذا كان عدد السوريين المقيمين في مناطق سيطرة قوات النظام يراوح بين عشرة و12 مليون سوري، فإن عدداً مماثلاً يعيش في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة وفي الخارج. ويقول رئيس تحرير صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطة وضاح عبد ربه: «منعت الدول المعادية لسورية السوريين من الاقتراع في سفارات بلادهم في الانتخابات الرئاسية العام 2014، لكننا نجدها اليوم تطالب بشراسة بانتخاب اللاجئين السوريين او الذين يعيشون في الخارج، ما يطرح العديد من التساؤلات حول حقيقة نوايا هذه الدول». وأُجريت الانتخابات الرئاسية الاخيرة في المناطق تحت سيطرة قوات النظام فقط وفي سفارات الدول الصديقة. ونتج منها انتخاب الرئيس بشار الاسد لولاية ثالثة من سبع سنوات بعد حصوله على 88,7 في المئة من الاصوات، في خطوة وصفتها المعارضة والدول الغربية ب»المهزلة». ورغم ان المجتمعين في فيينا لم ينجحوا في تذليل الخلاف حول مستقبل الاسد، لكن ديبلوماسيين اميركيين اعتبروا غداة الاجتماع ان ادراج بند انتخاب السوريين في الخارج في البيان هو انتصار لحملتهم الهادفة للإطاحة بالأسد. وذكرت صحيفة «الوطن» في افتتاحية عددها الصادر الاحد ان «مسار فيينا يبدو مطابقاً لمواقف دمشق وموسكو من حيث الجوهر، حيث تم التأكيد في أكثر من فقرة في البيان (...) على حق وحرية السوريين في تقرير مصيرهم من دون تدخل وإملاء خارجي، لكن في الباطن لا يزال يتضمن الكثير من التدخل الخارجي وخصوصا تجاه تعيين معارضين ممولين غربياً وتابعين» للمشاركة في عملية التفاوض تمهيدا لتشكيل حكومة وحدة وطنية. ودعا بيان فيينا الاممالمتحدة الى الشروع في «جمع ممثلين عن الحكومة والمعارضة السورية من أجل عملية سياسية تؤدي الى تشكيل حكومة ذات صدقية وجامعة وغير طائفية يعقبها (وضع) دستور جديد وانتخابات». لكن وبحسب «الوطن»، فإن «التدخل الخارجي لن يتوقف عند موضوع تعيين المعارضة، أو جزء كبير منها، والتي ستفاوض وربما تدخل في تشكيل الحكومة الجديدة، بل تجاوز ذلك من حيث السماح للسوريين اللاجئين بالمشاركة في عملية الانتخاب وهم معرضون لكل أنواع الابتزاز المادي والمعنوي وحتى الإداري، الأمر الذي تم فرضه في فيينا ليستغله أعداء سورية لكسب الأصوات والتدخل بشكل غير مباشر في صوغ مستقبل البلاد». ويقول بالانش: «إذا أُجريت انتخابات حقيقية بمشاركة الموجودين في الخارج، فإن النظام سيُواجه مرشحاً منتمياً الى الاخوان المسلمين او مدعوماً منهم، لانهم الوحيدون القادرون على تحريك السنّة في الخارج». ويشدد مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية بسام أبو عبدالله على ان «المشاركة في الانتخابات الرئاسية واستناداً الى الدستور السوري، لا يمكن ان تتم إلا في السفارات السورية الموجودة والمفتوحة في دول العالم، لا في المعسكرات او اي مكان آخر خارج اطار السيادة السورية». ويوضح انه على الناخب السوري ان يستوفي شروطاً عدة منها «حيازته على وثائق نظامية، والا يكون مرتبطاً بارهابيين او مجرماً او صادرة احكام (قضائية) بحقه»، مضيفاً: «هذه الشروط تنطبق على كل السوريين داخل البلاد وخارجها». في المقابل، يقول هشام مروة، نائب رئيس «الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية»، ل «فرانس برس» ان «مشاركة السوريين في الخارج في انتخابات تأتي في نهاية مرحلة انتقالية وبعد وضع قانون انتخاب جديد هي خطوة ايجابية ومستحقة».