ورشة للتعريف بنظام الزراعة وأدلة ونظام أسواق النفع بعسير    «مدينة الصين».. وجهة زوار «سيتي ووك»    واجهة روشن البحرية.. وجهة مثالية لممارسي الرياضة    "نيوم" يدعم صفوفه بالحارس مصطفى ملائكة    فيصل بن فرحان يتلقى اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية أمريكا    انطلاق كأس العالم للرياضات الإلكترونية في الرياض    جحفلي يرحل عن الهلال    الشورى يدعو «تنمية الصادرات» لدعم المنشآت ورفع قدرات المصدرين    أمير القصيم يكرم منتسبي الصحة.. ويتسلم تقرير جمعية المتقاعدين    انطلاق فعاليات الخيمة النجرانية ضمن مهرجان «صيفنا هايل 2024»    المفتي العام يستقبل مسؤولين في الطائف ويثني على جمعية «إحسان» للأيتام    الحجاج يجولون في المعالم التاريخية بالمدينة المنورة قبل المغادرة لأوطانهم    سباعي روشن يتنافسون في ربع نهائي يورو 2024    حقيقة إعلان بيولي تولي تدريب الاتحاد    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يبلغ 87.34 دولار للبرميل    خروج 17 ألف مواطن من سوق العمل بيونيو    ولي العهد يستعرض مع السيناتور الأمريكي كوري بوكر أوجه التعاون    فنون الأجداد بروح الشباب    "واتساب" يتيح إنشاء الصور الشخصية ب "الذكاء"    وزير الخارجية يهنئ نظيره المصري بتوليه مهمات منصبه الجديد    السجن سبع سنوات وغرامة مليون ريال لمرتكب جريمة احتيال مالي    ماكرون يحضّ نتانياهو على «منع اشتعال» جبهة لبنان    «البيت الأبيض»: الرئيس بايدن ماضٍ في حملته الانتخابية    السودان.. القتال يتجدد في أم درمان    %59.88 من مشتركي التأمينات تشملهم التعديلات الجديدة    عروض شعبية ببيت حائل    الربيعة يتفقد برامج إغاثة متضرري الزلزال في سوريا وتركيا    جامعة أم القرى تبدأ استقبال طلبات القبول    بن مشيبه متحدثاً لوزارة الحرس الوطني‬⁩    «حرس الحدود» بعسير يحبط تهريب 15 كيلوغراماً من الحشيش    جمعية البر بالشرقية تطلق برنامج إرشادي لمكافحة الإدمان    نائب أمير الجوف يعزي التمياط    ضيوف الرحمن يغادرون المدينة المنورة إلى أوطانهم    الوفاء .. نبل وأخلاق وأثر يبقى    أرامكو والراجحي يقودان "تاسي" للتراجع    الأمير سعود بن نهار يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية اليقظة الخيرية    الحرارة أعلى درجتين في يوليو وأغسطس بمعظم المناطق    الدكتور السبتي ينوه بدعم القيادة غير المحدود لقطاع التعليم والتدريب في المملكة    موسكو تسجل أعلى درجة حرارة منذ 134 عاماً    بدء أعمال الصيانة ورفع كفاءة وتطوير طريق الملك فهد بالدمام اليوم    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس غرفة الخرج    محلي البكيرية يناقش الأمن الغذائي للمنتجات الزراعية وإيجاد عيادات طبية    بناء محطة فضائية مدارية جديدة بحلول عام 2033    اتحاد القدم يعين البرازيلي ماريو جورجي مدرباً للمنتخب تحت 17 عاماً    تجسيداً لنهج الأبواب المفتوحة.. أمراء المناطق يتلمسون هموم المواطنين    «السياحة»: 45 مليار ريال إنفاق الزوّار القادمين إلى المملكة    وصول التوأم السيامي البوركيني الرياض    90 موهوبًا يبدأون رحلة البحث والابتكار    أزياء المضيفات    ازدواجية السوق الحرة    أمير الشرقية: مشروعات نوعية ستشهدها المنطقة خلال السنوات المقبلة    أمير القصيم ينوه بعناية القيادة بالمشروعات التنموية    الحج .. يُسر و طمأنينة وجهود موفقة    هنّأ رئيس موريتانيا وحاكم كومنولث أستراليا.. خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    تأثير التكنولوجيا ودورها في المجتمع الحديث    "التخصصي" يجري 5000 عملية زراعة كلى ناجحة    أمير القصيم يكرّم عدداً من الكوادر بالشؤون الصحية في المنطقة    "الطبية" تعالج شلل الأحبال الصوتية الأحادي لطفل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة العربية والانترنت مؤتمراًفي الكويت
نشر في الحياة يوم 14 - 03 - 2010

 «الثقافة العربية في ظل وسائط الاتصال الحديثة» مؤتمر عقدته مجلة «العربي» وشارك فيه باحثون ونقاد وإعلاميون من العالم العربي قدّموا أوراقاً ومداخلات حول العلاقة بين الثقافة العربية والانترنت. والبارز في المؤتمر إفساحه المجال أمام جيل الشباب للمشاركة وتقديم التجارب في حقل الانترنت والنشر الالكتروني. ومن المشاركين في المؤتمر: نبيل علي (مصر)، غسان مراد (لبنان)، السيد ياسين (مصر)، كمال عبداللطيف (المغرب)، ابراهيم المليفي (الكويت)، ابراهيم العريس (لبنان)، فاطمة المعدول (مصر)، شيرين ابو النجا (مصر)، عبدالله الفيفي (السعودية) عبدالله الحراصي (عمان)... وكرم المؤتمر مؤسسات تعنى بالثقافة الالكترونية وهي: مؤسسة الانتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج (رئيس المؤسسة عبدالمحسن البناي)، مركز البحوث والدراسات الكويتية (رئيس المركز عبدالله الغنيم)، موقع «جبهة الشعر» (مؤسسة الشاعر البحريني قاسم حداد)، قناة النيل الثقافية (رئيس القناة عمر أنور)، موقع «الورّاق» (أسسه الشاعر الإماراتي محمد السويدي، ومثله الشاعر نوري الجراح المشرف على مشروع «ارتياد الآفاق»). هنا كلمة لرئيس تحرير مجلّة «العربي» الدكتور سليمان العسكري التي افتتح بها المؤتمر متناولاً أبعاده والأهداف التي يسعى اليها.
 عندما اخترنا «الثقافة العربية في ظل وسائط الاتصال الحديثة»، هذه السنة، موضوعاً للندوة السنوية لمجلة «العربي» كنا نعي أن عالمنا يمر بطفرة هائلة في وسائط الاتصال جعلت عبارة «الكون قرية صغيرة» تبدو عتيقة، بعد أن أصبح العالم شاشة صغيرة، وآن لنا التوقف - بالبحث والفكر - لنحدد موقع ثقافتنا العربية في هذا العالم الشاسع في صمته، والصاخب في تحديه.
شاشة صغيرة، قد تكون شاشة أجهزة الحواسب أو الهواتف أو التلفزيون أو الألعاب، لكنها على صغرها تضم العالم كله، بتقنيته المعقدة، بأفكاره المتعددة، بثقافاته المتنوعة، وعلينا أن ننظر الى هذه الشاشات، بإمعان، وألا نكتفي بالفرجة، بل أن تكون لنا مساحة، وأن تكون لثقافتنا موضع.
لم نأتِ متأخرين، فهاجس هذا الموضوع يمسُّ حاضرنا، مثلما يلامس ماضينا، ويتلمس مستقبلنا. وإنما عقدنا العزم هذه المرة على متابعة الخطوات الموازية التي خطتها الثقافة العربية في سباق يكاد يشبه سباق التتابع الرياضي، بمحاذاة الخطى الوثابة لتقنيات الوسائط الحديثة في الإعلام. فنحن نؤمن أن الحديث عن ماض وحاضر ومستقبل للثقافة العربية هو حديث عن ماض وحاضر ومستقبل للأمة العربية ذاتها، وبأن العمل الثقافي هو فعل للمستقبل، وبأن فعل المستقبل ينبغي أن يكون فعلاً حضارياً في المعنى الشامل، أي انه يجب ألا يقتصر على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فقط، وأن الثقافات المنشغلة بالمستقبل، والمشتغلة به، هي الثقافات القادرة على البقاء والاستمرار، والباحثة عن التغيير، والساعية الى الإنجاز والتقدم.
تنبع أهمية هذه الندوة، حين تجتمع نخبة من العقول العربية المبدعة فتناقش وتقيم حصاد تفاعل هذين الجانبين، الثقافة العربية في ناحية، والوسائط الحديثة في ناحية أخرى. عقول تستشرف برؤى متعمقة ومتنوعة آفاق هذا التفاعل في ظل التحديات الخطيرة والملحة التي تواجه العالم في شكل عام، وتواجه في شكل خاص ثقافتنا العربية وحركة التحديث والنهوض في مجتمعاتنا.
ومن الملامح الجديدة التي ستجد صداها أن مشاركة الشباب أصبحت أمراً ملحاً لأن لهم اليد الطولى في تطويع هذه التقنيات الجديدة، سواء في الإنتاج الأدبي، أو الترويج الإعلامي، وهو ملمح يؤكد أن المستقبل يطرق الباب بطرق غير تقليدية، وأن «العربي» التي فتحت صفحات مجلتها لأقلام الشباب، تتيح منصتها لأفكارهم. ومن الملامح الجديدة أيضاً التي تحدد ندوتنا هذا العام أنها تتعامل مع مفردات دخلت الى قاموسنا الأدبي، وهي ابنة العالم الرقمي، وليس أدل على ذلك من تخصيصنا بعض جلسات ندوة هذا العام للمدونات.
ينبغي ألا يقتصر وعينا بآليات الوسائط الحديثة على استيعابنا للإمكانات والاستخدامات، بل يجب أن يمتد أيضاً الى البحث عن كيفية مثلى لاستخدام تلك الوسائط الثورية لتنطلق الثقافة العربية نحو المستقبل تحت سماء أكثر رحابة. فالثقافة العربية محاصرة بين تحديات نهضة منشودة تلحقنا بركب العصر، وواقع مثقل بالإخفاق وإعادة إنتاج البدايات، ونحن اليوم نسعى في هذه الندوة، مثلما نسعى في مجلة «العربي» وملحقها العلمي الى مؤازرة الجهد الإبداعي مع عناصر ثورة الاتصال في العالم.
ولا بد من أن نواجه أنفسنا في شكل نقدي صريح، يناقش الذات في لحظتها الراهنة، ويستبصر الجهد في إطار رؤى مستقبلية، ولا بد من أن نشجع على الاشتغال على تلك الوسائط الحديثة وتعزيز حضورها في نشاطنا البحثي والتعليمي والعلمي والثقافي وألا نندب تخلفاً نعيشه، أو نستمرئ خطراً يحيق بنا، أو غياباً يحيط بنا. علينا أن ننتقل من مرحلة استهلاك أدوات الغرب الى مراحل استلهام نهضته.
الرؤية المستقبلية، والنزوع النقدي ضرورتان للعيش في ذلك الزمان الذي نرنو إليه، وإلا أصابنا الجمود ومن ثم الذبول والموت، لا بد من روح مستقبلية ناقدة للحاضر، تكشف عيوبه طموحاً للأفضل. نحن نؤمن بأن الثقافة العربية تعيش في عصر جديد غير مسبوق، وأن حضورها في هذا العصر أو غيابها عنه، أمرٌ منوط بنا نحن العاملين في حقول الثقافة المختلفة. علينا أن ندرس عالم المدونات في ثقافتنا العربية المعاصرة، وأن نقتفي آثار المدونات الإلكترونية من الإصدارات الورقية وإليها، وأن نقيِّم حضور المواقف والمجلات الثقافية على شبكة الإنترنت منذ نشأت والى عقود مقبلة. علينا أن نتطلع الى المستقبل فنختبر مدى نجاح تثقيف النشء العربي عبر الوسائط المتعددة في العصر الحديث وأن تكون لنا رؤية مستقبلية حول حضور الثقافة في الوسائط الحديثة.
وإذا كانت هناك دائماً قوى عظمى تتقاسم تاريخياً الشرق والغرب، منذ الفرس والروم الى المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، زف إلينا المؤرخون أفولها وذبولها ومواتها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، والإمبراطوريات التي سبقته، فإن عصرنا هو زمان قوة واحدة جديدة هي قوة وسائط الاتصال.
والحرب التي تستضيفها الأفلاك ليست حرباً باردة، بل هي حرب ضروس ساخنة بين كواكب جديدة ومجرات متجددة في سماء ليس كمثلها سماء. سماء متخيلة، وواقع افتراضي، تتحكم فيه أجزاء الصورة من حولنا. نحن لا نتحدث عن صدام حضارات، ولكننا نعيش حراكاً بين ثقافات. والثقافات الفاعلة في مساراتها الحديثة هي التي تؤمّن لمكانتها في المستقبل مكاناً.
الثقافة، هي اللغة، وهي الهوية، كما أنها التاريخ والقائد. إنها الحياة، ولكي تظل تنبض فإن مدداً جديداً من الأفكار يجب أن يتدفق كنهر لا ينضب، يربط ماضينا بمستقبلنا، لا كي يشدنا الى الوراء، بل كي نمضي الى الأمام من دون أن نفقد جذورنا، ومن دون أن نتشظى وسط هذا الفضاء اللانهائي. لقد أصبحت الحاجة ملحة لكي يخرج حوارنا من دوائره النخبوية المغلقة الى مداراته الشعبية المنفتحة التي تستهدف أوسع قطاعات المجتمع. وعلى المثقف أن يعي دوره، لكي لا يكتفي بالنقد، بل عليه أن يشارك بالفعل. فنحن لن نواجه العصر إلا بلغة العصر، ولن نقدر على المستقبل إلا إذا انفتحنا عليه، نستبصر جديده من موقع المشارك الفعال، وليس موقع المتلقي المهمّش.
إن المثقف، الجدير حقاً بهذه التسمية، يعتبر أن الثقافة، بين أشياء أخرى، هي أداة للحرية. إن نداءنا بحضور الثقافة العربية في فضاء جديد لا يعني التخلي عن قيمنا لمصلحة أدوات هذا المجال وتقنياته، ولا يعني تهميش هويتنا العربية وحضارتنا الإسلامية، ولا يجيز طمس خصوصيتنا القومية، ولا يسمح بإهانة كرامتنا الوطنية، بل نريد لثقافتنا العربية في حضورها المتجدد أن تكون جسراً لكل هذه الخصوصيات التي لا تنفصل عن وجودنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.