يواجه حزب «نداء تونس» الحاكم أزمة خانقة بعد اجتماع مكتبه التنفيذي أول من أمس، الذي شهد انقساماً حاداً بين قياداته. ونشب خلاف حاد خلال اجتماع الحزب الأخير الذي دعا إليه الأمين العام والمستشار السابق لرئيس الجمهورية محسن مرزوق، وذلك بعد رفض بعض القيادات يتقدمهم نجل الرئيس التونسي، نائب رئيس الحزب الحاكم حافظ قائد السبسي والذي يسعى إلى قيادة الحزب خلفاً لوالده زعامة مرزوق للحزب. وفي محاولة منه لرأب الصدع بين الشقين المتصارعين، دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الرئيس السابق للحزب، طرفي النزاع ونواب كتلة الحزب البرلمانية إلى اجتماع عاجل في القصر الرئاسي لمناقشة الوضع الذي يهدد الحزب بالانقسام. وبلغت الاختلافات بين قيادات الحزب حد تبادل العنف وإفساد الاجتماعات وطرد الناطق باسم الحزب وتبادل الاتهامات ب «البلطجة» و»التخوين» و»نشر المسائل الداخلية عبر وسائل الإعلام». ولم يستبعد القيادي في الحزب والوزير السابق الأزهر العكرمي انقسام الحزب وكتلته البرلمانية، مرجحاً أن «يقرر عدد من النواب مغادرة نداء تونس في اتجاه بناء حزب جديد يقطع مع المحاباة والتوريث». وتعتبر قيادات يسارية في الحزب أن نجل الرئيس يسعى إلى السيطرة على «نداء تونس» لوراثة السلطة عن والده، وقال العكرمي إن «الحزب بصدد التلاشي وهو مهدد بالانقسام في اي لحظة». ودعت القيادات الموالية لنجل الرئيس إلى عقد مؤتمر تأسيسي للحزب من أجل انتخاب قيادة جديدة، محذرةً من أن الأمين العام الحالي للحزب محسن مرزوق «يستعجل الدخول إلى قصر قرطاج كرئيس للجمهورية خلفاً للسبسي» وفق ما صرح النائب عبد العزيز القطي. ويواجه الرئيس التونسي انتقادات واسعة بسبب مناصرته ابنه في الصراع الداخلي للحزب رغم أن منصبه في رئاسة الدولة يفرض عليه أن يكون رئيساً لكل التونسيين وأن يقف على الحياد تجاه طرفي الأزمة في الحزب. وعبّر عدد من النواب المعارضين لنجل الرئيس عن رفضهم حضور اللقاء مع السبسي، داعين إياه «إلى توضيح موقفه مما حصل بخاصة أنه يساند فريقاً دون آخر»، كما طاولت الاتهامات مدير ديوان رئيس الجمهورية باستغلال منصبه من أجل التأثير في قرارات الحزب. وتتمحور الأزمة الأخيرة في الحزب حول موعد المؤتمر التأسيسي، حيث دعا نجل الرئيس ونائب رئيس الحزب ومناصروه إلى عقد المؤتمر في أقرب وقت، في حين يتخوف التيار الآخر الذي يقوده الأمين العام محسن مرزوق من فقدان الغالبية في حال عقد هذا المؤتمر. وحذّر مراقبون من أن انقسام الحزب قد يهدّد الاستقرار السياسي والحكومي في تونس، إذ سيفقد «نداء تونس» الغالبية البرلمانية التي ستذهب مباشرة إلى حركة «النهضة» الإسلامية.