جرت دموعها قبل أن تتفوه بكلمة، إلا أن حالها عبّرت عن مدى «قسوة» ما مر عليها طوال سنوات. نعيمة البالغة من العمر 45 سنة، لم تبدأ قصتها من الأمس، أو من العام الماضي إنها تعود إلى العام 1404ه، ففي هذا العام كانت بداية مأساتها، و«بداية النهاية» على حد تعبيرها. تقول نعيمة: «لم أرَ يوماً مفرحاً منذ 28 عاماً، إذ أصيبت والدتي بالتهاب المفاصل والدرن وسرطان الدم، وكنت موجودة معها في المستشفى على مدى عامين في شكل متقطع. وبعد خروجها النهائي من المستشفى تزوجت، إلا أن ذلك الزواج لم يستمر». وتضيف: «بعد ذلك اقترنت برجل آخر لأكتشف أنه مُدمن مخدرات، وحاول قتلي في إحدى المرات، إلا أنني تغلبت عليه بعد أن أبلغت الشرطة بما يقوم به، ليسجن 15 عاماً، مع أنني أنجبت منه تسعة أطفال أصغرهم فتاة تبلغ ال11 من عمرها»، لافتة إلى أن شقيقه عاقبها بأن أخذ أبناءها منها. عاشت نعيمة سنوات وهي تُحارب وتناضل من أجل أبنائها. وتكمل: «سكني في منزل شقيقي لم يكن مريحاً أبداً. وتكالبت عليّ الهموم والمشكلات، ما سبب لي ضغوطاً نفسية عجزت عن مقاومتها، فمن مشكلة إلى أخرى حتى خارت قواي، وأصبحت لا أعي ما أفعله. وكثيراً ما كنت أشعر بالتعب والإعياء، فتوجهت إلى أحد المستشفيات الحكومية، وأجريت لي الفحوص والتحاليل كافة، ليصلوا في النهاية إلى أنني مريضة نفسياً، فقد كنت أهيم على وجهي في الشوارع». بدأت حكاية نعيمة مع الحبوب المهدئة منذ العام 1404ه، وتواصلت إلى 1426ه. وتوضح: «كنت حاملاً بطفلي الأول في الوقت الذي لم يخبرني فيه أحد بأن الحبوب تضر الجنين، فأنجبته مصاباً بالصرع. وكان همي والدتي من جهة ورعايتها، فضلاً عن أنها كفيفة. ومن جهة أخرى معالجة ابني، كما لم يخبرني أحد أن التهاب الكبد الوبائي من نوع «سي» لا يجوز معه استخدام الحبوب المهدئة، وتحديداً النوعية التي استخدمها (ديباكين، انافرانيل، ملريل)، لأنها تسبب تليفاً في الكبد. في الوقت الذي تم اكتشاف إصابتي بالكبد الوبائي»، مؤكدة أن الطبيب المشرف على علاجها سابقاً كان نسي نتيجة التحليل في الملف لسنوات عدة، ولم يكتشف إصابتها بالمرض إلا طبيب آخر في المستشفى نفسه، «عندما تم نقلي إلى المستشفى بعد أن اصفر لوني وساءت حالي، أبلغني الطبيب الجديد بأنني مصابة بالكبد الوبائي». وفي حال متأخرة جداً. ولا يوجد حل سوى توفير مُتبرع. وأن حالي لا تحتمل التأخير». وتتابع: «لديّ أربعة متبرعين. ولكن أين المستشفى الحكومي الذي سيستقبلني، فأنا لا أستطيع تحمل كلفة العلاج في المستشفيات الخاصة، خصوصاً أنني أعيش على ما يصرف لي من الضمان الاجتماعي. ولا يوجد باب إلا وطرقته، ولكن من دون جدوى». مؤكدة أن اليأس سيطر على حياتها وأنهكتها الوحدة واستوطنها الألم. لم تتوقف نتائج المرض على حالها الصحية والنفسية، بل تعدى ذلك إلى حرمانها من مشاهدة أبنائها، «أخاف عليهم من العدوى، ولذلك لا أستطيع احتضانهم أو حتى الالتقاء بهم، فهم يسكنون مع والدهم، بينما أسكن وحدي في منزل موحش لا يشاركني فيه سوى القطط»، مشيرة إلي أنها كثيراً ما تنهار ويغمى عليها ولا تصحو إلا وهي في المستشفى بفضل الله ثم الجيران الذين يتابعون وضعها الصحي أحياناً. وحول حالها النفسية حالياً، تقول: «آخر تقرير طبي حصلت عليه من مستشفى الصحة النفسية في الأحساء، يفيد بأني هادئة ومتعاونة، وكلامي مترابط، وأن مزاجي في حدود الطبيعي، ولا توجد أعراض ذهانية نشطة». كما أفاد التقرير بأن «الانتباه والتركيز والذاكرة والحكم على الأمور في حدودها الطبيعية». وأنني «مستقرة نفسياً». وكانت آخر زيارة إلى العيادة النفيسة قبل ستة أعوام. أما تقرير الأمراض الجسدية فخلص إلى إصابتي ب«الكبد الوبائي سي»، إضافة إلى «تليف الكبد».