بعد جولة في مدن أوروبية وأميركية، حطت فرقة «روك الصحراء» الأفريقية المعروفة ب «تيناريون» Tinariwen (تنتمي الى شعب الطوارق الموجود في صحارى مالي والجزائر وليبيا وموريتانيا) رحالها في مونتريال، وأحيت حفلة في قصر «مونت كالم» للفنون في إطار فعاليات المهرجان العالمي للموسيقى الذي يستمر حتى 13 آذار (مارس) الجاري. وكانت «تيناريون» نشأت أساساً في ظل حركة «الطوارق» الثورية في أواخر ثمانينات القرن الماضي. وفي العام 2000 تخلى افرادها عن السلاح، واستبدلوا الكلاشنيكوف بالغيتار، وتحولوا من مقاومين الى موسيقيين، ومن دعاة للثورة الى مبشرين بثقافة الحب والسلام. تضم الفرقة سبعة أعضاء، رجالاً ونساء، يقودهم ابراهيم آغا الحبيب، وجميعهم عازفون وراقصون وشعراء ومؤلفون موسيقيون محترفون. وعمدوا الى استبدال الغيتار الصوتي التقليدي Acoustique الذين كانوا يستعملونه سابقاً، بالغيتار الكهربائي تماشياً مع العصر ورغبات الجمهور. ومع ذلك، فهم يصرّون على ان يحفظوا للموسيقى الصحراوية أصالتها وهويتها الثقافية والفنية والتي تعرف بال «اوسوف» Ussuf، وتعني الشوق والحنين، وتختلف عن النماذج الموسيقية الأخرى كال «روك» وال «بلوز» وال «روك اندرول»... وغيرها. في رصيد الفرقة الفني حتى اليوم أربعة ألبومات أحدثها «ايميديوان» Imidiwan (اي الرفاق)، ونال أخيراً جائزة أفضل ألبوم غنائي من مجلة «انكوت» الفنية البريطانية، علماً ان الفرقة تحظى بجمهور كبير وشهرة عالمية على المسارح الاجنبية والعربية والافريقية وتحافظ على زيها التقليدي الصحراوي اينما حلت. وكانت فرقة «تيماريون» الأكثر تألقاً وتمايزاً في فعاليات المهرجان، سواء لجهة تصميم المسرح وتجهيزاته الفنية التي أضفت عليه جواً صحراوياً مثالياً أو لكثافة الحضور (حوالى ألفي مشاهد من الكنديين وابناء الجاليات الافريقية والعربية) وشدة إعجابه بعروضها الغنائية والموسيقية ورقصاتها الفولكلورية التي استمرت زهاء ساعة ونصف الساعة. فمع كل وصلة موسيقية على اوتار الغيتار، كان الجمهور يهتز نشوة وترتفع وتيرة تفاعله وانفعاله... إلى درجة كان من الصعب في تلك اللحظات الملتهبة حماسة معرفة من هو أكثر متعة من الآخر: الجمهور ام العازفون؟ كما كان خلف كل وصلة غنائية اكثر من رسالة سياسية. وعلى رغم اختلاف الثقافات والمناسبات العرقية والمسافات الفاصلة بين اعضاء الفرقة والجمهور الكندي، فإن الجميع على ما يبدو كان يتفاهم بلغة موسيقية واحدة.