لم تتمكن جبهة سياسية شكّلها إئتلاف «دولة القانون» داخل «التحالف الوطني»، بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، من إقناع باقي مكونات التحالف باستبدال رئيس الوزراء حيدر العبادي. وقال مصدر سياسي رفيع المستوى، ان العبادي «أجرى خلال اليومين الماضيين سلسلة من الإتصالات مع الزعماء الشيعة، أفضت إلى تفاهم بين الطرفين على استشارتهم في أي قرار يتخذه». وكان مقرراً أن يعقد العبادي اجتماعاً، مساء أمس، مع عدد من قادة إئتلاف «دولة القانون» الذي ينتمي إليه، بعدما شكّل معارضوه جبهة تضم أكثر من 45 نائباً هددوا بسحب الثقة منه. لكن المصدر أكد أن هذا الخيار أصبح بعيداً، وكذلك خيار سحب التفويض البرلماني الذي منحته الكتل السياسية للعبادي لتطبيق إصلاحاته. وأشار إلى أن رئيس الكتلة البرلمانية ل «دولة القانون» علي الأديب اعتبر البيان الذي أصدره عدد من نواب الكتلة ضد العبادي «سلوكاً فردياً، لا يمثل القيادة». وتابع أن رئيس الوزراء «ارتكب سلسلة أخطاء معالجتها ممكنة، وأهم هذه الأخطاء تعيين مقرب منه (ومن واشنطن) عماد الخرسان أميناً عاماً لمجلس الوزراء من دون التشاور مع الكتل السياسية، واستغل عدد من قادة حزبه ذلك في محاولتهم سحب الثقة منه، فأعلن أنه لم يوقع بعد قرار تعيين الخرسان». وعلى رغم ان العبادي ينتمي الى «حزب الدعوة» وكتلة «دولة القانون» التي يتزعمها المالكي، إلا أن مصدر قوته الأساسي يقع خارج هذه الدائرة، فهو يتلقى دعماً من تيار الزعيمين الشيعيين مقتدى الصدر وعمّار الحكيم، والأهم دعم المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني. وأفاد المصدر أن «السيستاني أبدى انزعاجه من خطوات العبادي الأخيرة ومن طرحه إسم الخرسان لمنصب الأمين العام لمجلس الوزراء، خصوصاً الترويج له باعتباره مرشح المرجعية التي أكد مقربون منها أنها لا تتدخل في التفاصيل السياسية والمناصب». وبدت الظروف السياسية مواتية خلال الأسابيع الماضية لبروز جبهة مناهضة للعبادي داخل حزبه، خصوصاً تلك التي ترتبط بشكل مباشر بالمالكي، مستندة ايضاً إلى غضب الموظفين من سلّم الرواتب الذي خفض من مرتباتهم، وإلى الخلافات التي نشبت بين قادة «الحشد الشعبي»، الذين تدعمهم إيران، والعبادي. وقال المصدر إن رفض رئيس الوزراء طلباً قدّمه إليه نواب وزعماء شيعة للموافقة على تنفيذ الطائرات الروسية هجمات في العراق على غرار سورية، رجّح احتمال الإنقلاب عليه، خصوصاً بعد تصنيفه أنه يخدم المصالح الأميركية في العراق. وأفاد المصدر ذاته، أن العبادي «أقنع الجبهة التي دعمته لتولي المنصب بدلاً من المالكي في أيلول (سبتمبر) 2014 أن تغيير الحكومة في هذا الظرف الملتبس أمنياً وسياسياً واقتصادياً قد يوقع البلاد في أزمات جديدة»، مؤكداً أنه «سيجري سلسلة مشاورات، خلال الأسبوع المقبل، لتسوية الخلافات».