اجتمعت مجموعة من كبار المسؤولين في الشرطة الأميركية الأسبوع الماضي، لإطلاق حملة لخفض عدد السجناء بسبب الكلفة المرتفعة التي يكلّفها سجنهم. وقال رئيس المجموعة رونالد سيرباس:"تجربتنا وحدسنا يؤكدان أننا نستطيع أن نقلص الجريمة وعدد السجناء في الوقت نفسه". ويقول سيرباس أن النظام القضائي يجب أن يحافظ على الموارد للتعامل مع المجرمين العتاة، لكن هذا لا يحدث في كثير من الأحيان"، مضيفاً: "هناك وقت كبير يضيع في التعامل مع سجناء عاديين لايمثلون خطرًا على المجتمع، وغالبيتهم يعانون من مشاكل عقلية أو ذات علاقة بالمخدرات، والمكان الأنسب لهم المشافي وليس السجون". وأكد سيرباس أن هدف الاجتماع "محاولة تغيير القوانين، أو تغيير تصنيف بعض تهم حيازة المخدرات من جناية إلى جنحة، وخفض مدة الحد الأدنى للسجن الإلزامي، وتوفير بدائل للسجن كالمراكز الصحية". وفي المقابل، تشير دراسات وتحليلات "المعهد الحضري" إلى أن تقليص عدد المساجين أمرٌ صعب المنال، ولتحقيق مكاسب كبيرة، يتطلب الأمر تدابير سياسية صعبة تتمثل في خفض عدد المساجين الذين يرسلون إلى السجون الاتحادية في المقام الأول قبل أن تخفض مدة سجنهم، وتحويل غالبيتهم إلى البرامج العلاجية والبدائل الأخرى. وعلى رغم أن ولاية نيويورك نجحت في خفض أعداد السجناء من طريق إعادة توصيف التهم وتوفير البرامج العلاجية، إلا أن تحقيق مكاسب كتلك في النظام الاتحادي صعبة للغاية، لأن المدعين العامين الاتحاديين يسعون إلى ملاحقة تجار المخدرات أكثر من ملاحقة المدمنين. ويشير "مكتب السجون الاتحادية" إلى أن السجون الأميركية باتت مكتظة، وأن تعداد السجناء وصل حالياً إلى نحو 200 ألف سجين، بعدما كان نحو 24 ألفاً فقط في الفترة من العام 1940 حتى 1980. وينفق المكتب بلايين الدولارت سنوياً لإيواء هذا العدد الكبير، إذ تبلغ كلفة السجين الواحد نحو 30 ألف دولار في العام. وفي محاولة من السلطات الأميركية للحد من الجريمة وتوفير المال، لجأت ولايتا رود آيلاند وتكساس إلى حلول مبتكرة للحيلولة دون رجوع السجناء إلى التوقيف بعد إطلاق سراحهم، أو ما يسمى الانتكاسة، من دون تعريض السلامة العامة للخطر، وذلك من خلال إعطاء الفرصة للسجناء لتقليل مدد احتجازهم، بخوض وإنهاء برامج تثبت عدم عودتهم مرة أخرى إلى الجريمة. وحققت الولايتان نتائج مبهرة، فانخفض معدل تعداد السجناء في رود آيلاند بنسبة 17 في المئة في ثلاث سنوات، وانخفضت الانتكاسات بنسبة 6 في المئة، وانخفض معدل الجريمة بدرجة كبيرة. ووفرت الإصلاحات التي اتبعتها ولاية تكساس مبلغ بليوني دولار من أموال دافعي الضرائب. وتريد السلطات الأميركية تكرار تلك النجاحات في نظام السجون الاتحادية، ما يساعد السجناء على إعادة إدخالهم إلى المجتمع مرة أخرى، وتوفير أموال دافعي الضرائب الأميركية، وخفض معدلات الجريمة.