وصل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الى اسرائيل وكتب في سجل ضيوف المقر الرسمي للرئيس شيمون بيريز «أن العلاقة بين الولاياتالمتحدة واسرائيل كانت ولا تزال ثابتة. معاً فقط نستطيع أن نحقق السلام في المنطقة». وهو في حديث الى الصحافيين بعد ذلك شدد على أهمية أمن اسرائيل ونفى أي خلاف معها على موضوع الأمن. اسرائيل ردت بصفعه على وجهه، فهو ما كاد ينتهي من كلامه حتى كانت لجنة التخطيط والبناء في القدس تعلن قرارها بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في المدينة. وقال وزير الداخلية ايلي يشاي، زعيم حزب شاس الديني، إن القرار جاء صدفة وتوقيته غير مقصود، فقد كان قيد الدرس منذ ثلاث سنوات. ويشاي هذا متهم بالفساد وحزبه ديني شرقي عنصري في حقارة عرّابه الحاخام عوفايدا يوسف وتطرفه. مسؤول في مكتب بنيامين نتانياهو قال إن لا فارق عند رئيس الوزراء في البناء في تل أبيب أوالقدس أو كفرسابا. وأقول طبعاً، فكلها أرض فلسطينية مسروقة، ونتانياهو لص وإرهابي. وعلى سبيل التذكير هو أعلن في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي قرار تجميد الاستيطان عشرة شهور، مستثنياً القدس، وأيضاً بناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية بحجة أن العمل كان قد بدأ بها. الإسرائيليون انقسموا كالعادة بين مؤيدين لاستمرار البناء، في القدس ومعارضين، وأرجو من القراء جميعاً أن يفهموا أنني أهاجم الحكومة الإسرائيلية والمتطرفين العنصريين الفاشست فيها أو حولها، ولا أهاجم كل الإسرائيليين أو اليهود. وفي حين اعتبر الأرض من البحر الى النهر فلسطين فإنني أقبل حل الدولتين وقد عملت له مع ياسر عرفات وأيدته مع محمود عباس. ونازية الحكومة الإسرائيلية يجب ألا تُنسي أحداً أن كثيرين من اليهود حول العالم ومن الإسرائيليين يتظاهرون تأييداً للفلسطينيين، وقد كانوا غالبية المتظاهرين يوم السبت الماضي ضد الاستيطان، بمن في ذلك حاخامات والكاتب المعروف ديفيد غروسمان. الحكومة الإسرائيلية صفعت حليفها الأول في الإدارة الأميركية، فهي تثق ببايدن ولا تثق بباراك أوباما، ورد الأميركيون منددين بقرار البناء. وقال بايدن نفسه إن القرار يؤذي الثقة بين البلدين، وانتقد البناء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وقال إنه يخالف القانون الدولي، ولا بد أن الدول العربية انتقدته أيضاً، إلا أنها كمية مهملة في حسابات السياسة العالمية «وعلى بال مين ياللي في الظلام تغمز». وكنت دنت القرار وكان لموقفي التأثير نفسه للدول العربية. كل ما سبق جاء على خلفية وصول بايدن في جولة تستغرق خمسة أيام لدعم مهمة مبعوث السلام الأميركي جورج ميتشل الذي وصل في الوقت نفسه لإطلاق عملية «مفاوضات الجوار» المفترض أن تستمر أربعة أشهر، وتحظى بدعم لجنة المتابعة العربية. المفاوضات مسرحية عبث ولن تؤدي الى شيء على الإطلاق، وبما أنني داعية سلام «من منازلهم» وضد الحرب حتى في غياب أي أمل بالسلام، فإن السلام الذي أقبل به هو دولة فلسطينية مستقلة على جميع الأراضي التي احتلت سنة 1967. وإذا كان من تبادل فهو في حدود ثلاثة في المئة أو أقل، ومع الأخذ في الاعتبار أنك لا تبادل دونماً قرب القدس بدونم في النقب، وإنما يجب أن توضع في الحساب قيمة الأرض، فبناء في مانهاتن على «ايكر» واحد أغلى عشر مرات من مزرعة أخي في ايلينوي وحجمها 400 ايكر (الإيكر قياس أميركي للأرض يعادل 4.068 متر مربع). المهم من كل ما سبق أن حكومة الجريمة الإسرائيلية مخلصة لاسمها وتواصل ارتكاب الجرائم وأن الفلسطينيين منقسمون والعرب عاجزون، والرئيس أوباما لن يحقق شيئاً من وعوده أو رغباته طالما أن الكونغرس الأميركي أكثر اسرائيلية من الكنيست. ثم أسمع حديثاً أميركياً يجمع بين تسريبات رسمية، وتعليقات صحافية، عن تغيير في الشرق الأوسط، وقيام تحالفات جديدة وولاءات قد تعطي أميركا فرصة لدفع العملية السلمية الى الأمام. قرأت في هذا المجال أن سورية تغيرت بعد أن أقلقها أن يكون تحالفها الوحيد مع إيران، وأنها فتحت على قطر وتركيا وفرنسا، وتحاول بناء علاقة أفضل مع أميركا. هذا خطأ فالنظام السوري لم يذهب الى أحد وإنما كانت علاقته دائماً جيدة مع قطر، والحكومة التركية ذات خلفية اسلامية وتريد حلاً عادلاً، أما فرنسا فهي التي بنت الجسور مع دمشق أملاً بإبعادها عن طهران ولا تزال تحاول. أقول مرة أخرى لا جديد تحت شمس الشرق الأوسط، ولا حل مع الحكومة الإسرائيلية الحالية. [email protected]