رغم التشدد في مواقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو من الفلسطينيين، فإنه مع ذلك يبدو «عقلانياً وبراغماتياً» قياساً بصقور حكومته المتطرفة سواء من حزبه «ليكود» أو شريكه في الائتلاف الحكومي «البيت اليهودي» الذين يطلّون صباح مساء بتصريحات يعتبرها حتى نتانياهو تأجيجاً للأوضاع المتوترة أصلاً، فيضطر إلى إصدار بيانات يبغي منها كما يؤكد القريبون منه «احتواء التوتر وتفادي إشعال الوضع». وسارع نتانياهو أمس إلى إصدار بيان باللغتين العبرية والإنكليزية جدد فيه التزامه الحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى، مكرراً ما جاء في بيانه الأحد الماضي بأن الصلاة في المسجد ستكون للمسلمين فقط فيما الزيارة لغيرهم، وذلك بعد ساعات من تصريح نائبه في وزارة الخارجية تسيبي حوتوبيلي بأنها «تحلم برؤية علم إسرائيل يرفرف فوق المسجد (جبل الهيكل)» داعية إلى تمكين اليهود من الصلاة فيه». ولفت المعلق السياسي في الإذاعة العبرية حنان كريستال إلى أن تصريحات نائبة وزير الخارجية وقبلها وزراء من «البيت اليهودي» حول «حق اليهود» في الصلاة في باحات المسجد الأقصى («جبل الهيكل») هي التي يعتمدها الفلسطينيون والعرب والمجتمع الدولي في اتهاماتهم لإسرائيل بأنها تسعى إلى تغيير الوضع القائم في المسجد. وأضاف أن نتانياهو أضعف من أن يُقْدم على إقالة حوتوبيلي أو غيرها من الوزراء الذين يدلون بتصريحات لا تتسق وتصريحاته، وذلك بسبب اعتماد حكومته على غالبية ضئيلة وخشيته من ان تؤدي إقالة نائب الوزير أو وزير آخر إلى انهيار ائتلافه الحكومي. وتابع المعلق إلى أنه «من المفارقات أن يصبح نتانياهو ووزير دفاعه موشيه يعالون (المعروفان بمواقفهما المتصلبة) أكثر الوزراء يساريةً في حكومة تعج بوزراء متطرفين. في غضون ذلك كشفت الإذاعة العامة أن وزير الخارجية الفرنسي فابيوس ما زال يسعى إلى تنظيم لقاء بين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد أن اقترح عليه وزير الداخلية الإسرائيلية سيلفان شالوم خلال لقائهما في باريس الأسبوع الماضي أن يبادر إلى عقد اللقاء لتخفيف التوتر، وأن نتانياهو مستعد للقاء كهذا من دون شروط مسبقة. وأضافت أن السفارة الفرنسية في تل أبيب استوضحت حقيقة الموقف من مكتب نتانياهو فأكد لها استعداد الأخير للقاء. وأكدت تقارير صحافية أن وراء قبول نتانياهو التفاهمات التي أنجزها وزير الخارجية الأميركية جون كيري مع كل من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني أواخر الأسبوع الماضي تحذير كيري نتانياهو بأن استمرار التوتر سيؤدي إلى أزمة خطيرة في العلاقات بين الأردن وإسرائيل. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن موظفين أميركيين كبار قولهم إن واشنطن أيقنت أن تدهوراً سريعاً حصل في العلاقات بين إسرائيل والأردن منذ منتصف الشهر الماضي بلغ درجة القطيعة، وأن كيري أوضح لنتانياهو أهمية العمل لتخفيف التوتّر مع الأردنيين «الغاضبين جداً على خلفية الأوضاع في المسجد الأقصى» محذراً من أن «الأزمة حقيقية»، وحضّه على القيام بخطوة تعيد العلاقات إلى طبيعتها وفي مقدمها قبول التفاهمات. وأقرّ أيضاً نتانياهو، خلال حديثه أول من أمس أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، أن العلاقات بين إسرائيل والأردن «شهدت توتراً وقطيعة موقتة في الأسابيع الأخيرة، لكن الأمور عادت إلى طبيعتها في الأيام ألأخيرة»، على خلفية الأحداث في المسجد الأقصى المبارك، وأن «الاتصالات التي كانت مع دول إسلامية توقفت خلال هذه الفترة بسبب الوضع في المسجد الأقصى، وعليه فإننا نحاول تهدئة التوتر في المسجد». في هذه الأثناء اعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي (الإثنين) التقارير الإسرائيلية حول نية نتانياهو سحب حقوق الإقامة لنحو مئة ألف فلسطيني في القدسالشرقيةالمحتلة «مثيرة للقلق في حال كانت هذه التقارير صحيحة». وأصدر المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين تعليمات واضحة إلى عناصر الأذرع الأمنية المختلفة، أوضح فيها عدم جواز إطلاق النار على منفّذي هجمات مسلحة فوراً بهدف قتلهم إلا بعد التيقن بشكل واضح بأن إطلاق النار ضروريّ لمنع إصابة مواطنين نتيجة هجوم المسلح. وأضاف أنه ينبغي العمل في المرحلة الأولى على إبطال الهجمة (إطلاق نار على أنحاء في الجسم لا تؤدي إلى القتل). وجاءت التعليمات رداً على رسالة مركز «عدالة» القانوني الذي احتج على قرار الحكومة الأمنية المصغرة تعديل إجراءات إطلاق النار على منفذي هجمات، أي تسهيل الضغط على الزناد ما أسفر عن قتل عشرات الفلسطينيين وقتل يهودي ولاجئ من إريتريا لمجرد الاشتباه بأنهما عربيان يريدان تنفيذ هجمات مسلحة. وحذر المستشار من أنه لن يتردد في محاكمة أي عنصر أمني لا يحترم هذه التعليمات.