بعد دقائق من افتتاح مراكز الاقتراع أمام الناخبين صباح أمس هزت الإنفجارات جدران الفندق الذي نقيم فيه في بغداد، فأصبنا بقلق سرعان ما اشتد لدى انتظارنا السيارات الخاصة لنقلنا إلى بعض المراكز، إذ بدأنا نسمع أصوات انفجارات متتالية. جولتنا على مراكز الاقتراع بدأت في الصالحية ثم المنصور والعطيفية فالكرادة. الطرقات مقفرة، بسبب حظر السير إلا لمن يحمل ترخيصاً خاصاً. ورفع الحظر بعد 3 ساعات من بدء الاقتراع. الإجراءات الأمنية كانت مشددة، انتشر عناصر القوات الأمنية عند كل مفترقات الطرق، وأحاطت الاسلاك الشائكة بمراكز الاقتراع، فيما حلقت المروحيات في سماء العاصمة لمؤازرة قوات الأمن. «بهذا الحبر سنهزم الارهاب»، هذا ما صرحت به الناخبة عدوية حسين العبيدي (70 سنة) التي جاءت تنتخب «للعراق» على حد قولها. وحال عدوية، التي احضرها الجيران الى مركز اقتراع في مدرسة الجزائر في العطيفية على كرسي متحرك لعجزها، ليست فريدة. شيوخ ونساء ورجال اصطحبوا عائلاتهم وأطفالهم الى مراكز الاقتراع. في مركز مدرسة المسرة الابتدائية في الصالحية كان الاقبال عليه كبيراً. عائلة من ثلاثة أجيال حضرت الى المركز. صالح مهدي (80 سنة) وزوجته ونجله بشير (38 سنة) والطفل بشير (سنتان). ويقول صالح انه شارك في كل الانتخابات الماضية، ويؤكد بفخر وهو يرفع اصبعه الملونة بحبر الانتخابات «انتخب للعراق». الحماسة نفسها نلاحظها في مدرسة دجلة الابتدائية في المنصور. إقبال كثيف على المركز. لكن العملية تسير بانسيابية ويسر. يقول الناخب أحمد علي أحمد (47 سنة) «نختار من يحقق لنا مستقبلاً أفضل، من الأمن والخدمات والتعليم والصحة». ويوضح احمد، وهو مهجر مقيم في منطقة الكاظمية، انه جاء قبل يوم من الانتخاب الى منطقة المنصور وبات عند أقاربه كي يتمكن من الاقتراع، إذ ان حظر التجول كان سيعيقه من المجيء. ولاحظنا ان موظفي المفوضية العليا للانتخابات في مراكز الاقتراع يبذلون جهوداً كبيرة لتسهيل عملية الاقتراع، بدءاً من وصول الناخب الى مدخل المركز وانتهاء بإلقاء الورقة في الصندوق. إلا ان أمراً لافتاً كان يتكرر في كل المراكز، وهو شكوى بعض المواطنين من عدم وجود أسمائهم في سجلات الناخبين وعدم السماح لهم بالاقتراع. وكان هذا الأمر تكرر أيضاً في التصويت الخاص، لا سيما للعسكريين وبأعداد كبيرة، فتم استدراك ذلك بما سمي «التصويت المشروط». ولدى سؤالنا مديري المراكز الانتخابية عن سبب ذلك كان الجواب أيضاً واحداً: تحميل المواطنين الذين لم يجدوا أسماءهم في السجلات المسؤولية بسبب عدم تحديث سجلاتهم. فالمفوضية بذلت جهوداً كبيرة لحض الناخبين على تحديث سجلاتهم قبل نحو شهرين من الانتخابات، إلا ان عدداً قليلاً منهم استجاب. ويوضح مدير مركز الانتخابات في المفوضية في منطقة الصالحية علي صباح انه «من أصل 26 ألف ناخب في المنطقة تجاوب 500 شخص فقط مع دعوات المفوضية لتحديث سجلاتهم». ويوضح ان «الوعي الانتخابي لدى المواطنين لم يتطور كثيراً، إذ لا يعير الكثير منهم اهتماماً باجراءات ما قبل الانتخابات ومنها بطاقة الانتخاب التي تعطى لكل ناخب لتسهيل عملية الاقتراع». من جهة أخرى، لاحظنا ان عملية الاقتراع تتم بشكل جيد، في ظل وجود مراقبين من كل الكيانات السياسية. ويشرف المراقبون على سير العملية حتى نهاية فرز الاصوات وعدها. وتتم بعد ذلك كتابة النتائج على قائمة من 4 نسخ ترسل واحدة الى المكتب الوطني لمفوضية الانتخابات وأخرى الى مكتب المفوضية في المنطقة ونسخة ثالثة تبقى مع مدير المركز ورابعة تعلق على باب المركز لمدة 24 ساعة. ونظرياً، وبعد الاطلاع ميدانياً على سير عملية الاقتراع، تعتبر اجراءات المفوضية الانتخابات شفافة وحيادية. إلا ان أحد المراقبين لفت الى انه على رغم كل هذه الاجراءات لا يمكن منع التزوير الذي يمكن ان يتم بأشكال مختلفة. وأشار مثلاً الى ان المفوضية كانت قد رفضت طلباً لاجراء تجربة على نظام جمع النتائج قبل الانتخابات وأثناءها وبعدها. وبسبب حداثة تجربة الانتخابات في العراق يسمع المواطن بنحو 4 أنواع للاقتراع من «التصويت العام» الى «التصويت الخاص» و «الاقتراع المشروط» و «تصويت الحركة السكانية» التي يحتاج معها الى «دليل» كي يتم هذه العملية بنجاح.