قالت ربيعة قادر، رئيسة "المؤتمر الأويغوري العالمي"، إحدى الهيئات المدافعة عن حقوق أقلية الأويغور المسلمة في إقليم شينجيانغ الصيني، أول من أمس (الاثنين)، أن البساط الأحمر الذي تستقبل به بريطانيا الرئيس الصيني شي جينبينغ، ملوّث بدماء "الأويغور" وسكان التيبت والمعارضين، ووصفت الاستقبال الهائل للزعيم الصيني بأنه "مؤسف". وتشهد العلاقات بين أقلية الأويغور المسلمة والسلطات الصينية توتراً يتواصل منذ سنوات، كان آخر تجلياته في شهر رمضان الماضي عندما منعت السلطات المحلية الطلاب والمعلمين والموظفين في الإقليم من الصيام، وحذّرتهم من التغيّب عن الدوام في العطل الدينية. واستنكرت جهات إسلامية مختلفة هذه الإجراءات، من بينها "الأزهر"، مطالبة السلطات الصينية بوقف كل الانتهاكات ضد المسلمين، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة والهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، الى التدخل الفوري لوقف هذه الانتهاكات. وتقول الحكومة الصينية أن هذه الإجراءات لا تعدو كونها تدابير صحية، إلا أن البعض يشير إلى أنها حملة منظّمة لإبعاد سكان المنطقة من ثقافتهم ودينهم. واتخذت العلاقة بين الأويغور والسلطات الصينية طابع الكر والفر، بعدما تمكّن الأويغور من إقامة دولة تركستان الشرقية، التي ظلّت صامدة على مدى نحو عشرة قرون، قبل أن تنهار أمام الغزو الصيني في العام 1759 ثم في العام 1876، الى أن أُلحقت نهائياً بالصين الشيوعية العام 1950. وسبق للأويغور أن قاموا بثورات عدة نجحت في بعض الأحيان في إقامة دولة مستقلة، على غرار ثورات 1933 و1944، لكنها سرعان ما كانت تنهار أمام الصينيين الذين أخضعوا الإقليم في النهاية لسيطرتهم. وفي العام الماضي، قضت محاكم صينية بسجن 22 شخصاً، بينهم أئمة مساجد، قالت أنهم "متطرفون" يعظون الناس في شكل غير قانوني في منطقة شينجيانغ التي تتمتع بحكم ذاتي، والتي تقطنها هذه الأقلية المسلمة. وقالت وكالة "تشاينا نيوز سيرفس" للأنباء، أنه صدر حكم بالسجن لمدد تتراوح بين 5 و16 عاماً على 22 متهماً في تلك المنطقة. وذكرت أنه إضافة إلى الأئمة، صدرت أحكام بالسجن أيضاً في حق دعاة مسلمين قاموا بنشاطات دينية بعد إقالتهم من مناصبهم، وأشخاص خرقوا القانون وهم في مناصبهم. ودان مؤتمر الأويغور العالمي الحكم الصادر في حق الأئمة والدعاة، وقال أن القمع الديني الذي تمارسه السلطات "يسحق حقوق شعب الأويغور". وأصبحت أحكام الإعدام الجماعية أمراً شائعاً في شينجيانغ، وكثيراً ما يعرض التلفزيون تنفيذ الأحكام في قاعات مفتوحة مليئة بالناس. وتقول جماعات حقوق الإنسان أن المحاكمات والأحكام الجماعية تحرم المتهمين من حق محاكمتهم في شكل ملائم. وفي أيلول (سبتمبر) 2014، قضت محكمة بالسجن مدى الحياة على أبرز مدافع في البلاد عن حقوق الأويغور، في قضية أثارت انتقادات في الغرب وبين الجماعات الحقوقية. وكثيراً ما تحاول بكين، من خلال حملات، حضّ النساء في شينجيانغ على عدم ارتداء الحجاب، كما تشجّع الرجال على عدم إطالة اللحى. وأطلقت السلطات في مدينة كشغر برنامجاً للجمال في المدينة، بهدف تشجيع النساء على التخلّي عن الزي التقليدي. وفي كاراماي، منعت السلطات المحلية ارتداء الحجاب والنقاب والبرقع وأي ثياب عليها الهلال والنجمة في وسائل النقل العام. وشددت الحكومة الصينية في الآونة الأخيرة، التدابير الأمنية في مختلف أنحاء البلاد، تحت غطاء ما تسميه "مكافحة الإرهاب"، فيما يقول محللون أن التدابير المذكورة تزيد من التوتر في المنطقة. وتقول الصين أن الأويغور سافروا إلى سورية والعراق، للقتال في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وجماعات أخرى. وتفرض السلطات الصينية رقابة على الاتصالات عبر الإنترنت في المنطقة، إذ قطعت في 2009 الإنترنت لأشهر عدة، بعد وقوع اضطرابات إثنية عنيفة في أورومتشي. وشددت حكومة شينجيانغ كذلك، الإجراءات الهادفة الى منع نشر رسائل صوتية أو أشرطة فيديو "تروّج للعنف أو الإرهاب". وتضمّ الصين عشر أقليات مسلمة من أصل 56 أقلية في البلاد، إذ يعيش الهوي والأويغور والقرغيز والكازاخ والطاجيك والتتار والأوزبك والسالار والباوان والدونغشيانغ، بكثافة في شمال البلاد وشمال غربها عموماً. ويطالب سكان إقليم شينجيانغ بالاستقلال عن الصين، لكن بكين ترفض ذلك، إذ تنطوي المنطقة على أهمية استراتيجية بالنسبة إليها.