أصبح فيروس "إيبولا" أكثر خطورة من السابق، بعدما اكتشف باحثون تطوّره جينياً، ليصير قادراً على خداع الجهاز المناعي، وتجنّب كشفه لدى الناجين منه. وذكر موقع techinsider في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، أن "الفيروس استطاع التخفّي في أجسام الناجين منه، وتجنّب كشفه من طريق الجهاز المناعي". وأضاف أن "خدعة الفيروس اتضحت تماماً عندما نُقلت الممرضة الاسكتلندية بولين كافركي، إلى مستشفى في لندن في التاسع من الشهر الجاري في حال خطرة"، بعدما قال الأطباء قبل 9 أشهر أنها تعافت تماماً من إصابتها. وكانت كافركي، وهي من منطقة ساوث لاناركشير في اسكتلندا، أصيبت ب "إيبولا" في سيراليون العام الماضي، ثم تماثلت للشفاء وانتكست حالتها بعد ذلك. وقال خبراء أن "الفيروس تمكّن من البقاء داخلها بطريقة أو أخرى، ثم ظهر مرة أخرى وسبب لها اضطراباً شديداً في الجهاز العصبي المركزي". وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن "اختبارات السائل الشوكي لديها جاءت إيجابية وحاملة للفيروس". وأوضح أطباء أن "تماثل المصابين للشفاء لا يعني القضاء على الفيروس تماماً. فالناجون منه مثل كافيركي، يعانون من أعراض مستمرة مثل فقدان السمع وتأثر الرؤية والأرق وآلام في الجسم تستمر أشهراً عدة بعد الإصابة". وأشار الموقع إلى أن "الأطباء لا يزالون يكتشفون المشكلات الصحية التي يمكن أن تستمر فترة طويلة بعد دحر العدوى". وأكد أن أحد "أهم مصادر المعلومات عن الأعراض الكامنة للفيروس، هو الدكتور إيان كروزير الذي نجا من إصابته في سيراليون العام 2014". وعلى رغم أن الفيروس يظهر في سوائل المصابين به حتى بعد فترة من الشفاء، لكنه اختفى من دم كروزير وبوله بعد 10 أسابيع من خروجه من المستشفى، لكنه ظهر في سائله المنوي. إلا أن أكثر ما لفت الانتباه في الأعراض التي بدأت في الظهور على كروزير بعد 10 أسابيع من اكتشاف إصابته ب "إيبولا"، كان مشكلات العين التي دلّت إلى أنه قد يصاب بعمى. وروى كروزير في مقابلة مع "سي أن أن"، الأعراض التي عانى منها، قائلاً: "وجدت صعوبة في المشي وعانيت من آلام أسفل الظهر. كنت أشعر وكأن هناك إبراً في أطرافي السفلى". وكان أكبر المشكلات لدى كروزير عندما بدأ يشعر بألم شديد في عينيه، إضافة إلى حساسية تجاه الضوء. وكشف فحص العين وجود جروح داخل عينه اليسرى، ونزيف صغير يدل على أنه مقبل على جرح آخر. وقال كروزير: "بعد نحو شهر، تفاقمت هذه الأعراض. وأظهرت عينة من السائل الذي يوجد بين القرنية والعدسة، أنها مصابة بإيبولا". وأضاف أن "مستوى الرؤية في عيني اليسرى انخفض، فيما تحوّل لونها من الأزرق إلى الأخضر الساطع، وبدأت تصبح لينة. لقد فقدت بنيتها"، لكن مستوى الرؤية لديه تحسّن بعدما "ابتعد الحطام الخلوي الذي حجب رؤيته من شبكية العين". وما زال كروزير يعاني من آلام شديدة في الظهر وطنين في أذنيه وفقدان للسمع، إضافة إلى مشكلات في الإدراك، مثل ضعف الذاكرة على المدى القصير. وعلى رغم أنه كان معروفاً أن "إيبولا" لا يمكنه البقاء حياً في السائل المنوي أسابيع عدة، لكن اختبارات جينية أكدت أنه ينتقل من طريق العلاقة الحميمة بعد مدة طويلة من ظهوره. وكان يعتقد في الماضي، أن الفيروس يحتاج إلى ثلاثة أشهر فقط ليختفي من سوائل الجسم، لكن امرأة ليبيرية أصيبت بعد ممارستها الجنس مع أحد الناجين، ما أكد للمرة الأولى أنه ينتقل من طريق الاتصال الجنسي، وأنه يستطيع الاستمرار في سوائل الجسم لمدة قد تصل إلى 9 أشهر. وقال مدير مركز "ويلكوم ترست" الخيري لتمويل الأبحاث جيريمي فارار، أن "فيروس إيبولا معقد جداً. نحاول اكتشاف أمور جديدة عنه يومياً، لكن الرسالة الواضحة أننا لم نتعرف إليه كلياً حتى الآن". وفي شباط (فبراير) الماضي، قال باحثون من مؤسسة "باستير" الفرنسية، وهي أول مؤسسة تعرفت إلى الفيروس: "ندقق في ما إذا كان إيبولا أصبح معدياً أكثر من السابق". وأوضح عالم الجينات البشرية الدكتور أنافاج ساكونتابهاي: "نعلم أن الفيروس يتغير كثيراً، وهو أمر مهم في التشخيص والعلاج. نحتاج إلى أن نعرف كيفية تغيّره لنكون على دراية بعدوّنا". وتابع أن "إيبولا مشابه للإيدز والإنفلونزا في قدرته على التطور والتكيف، وأن يصبح معدياً في شكل أكبر". وأضاف: "رأينا مصابين لا تظهر عليهم أعراض إيبولا. يمكن هؤلاء نشره في شكل أكبر، لكننا لسنا متأكدين بعد، ويمكن الفيروس أن يطوّر من نفسه ليصبح أقل فتكاً وأكثر عدوى، وهو ما نخشاه". ويتمثل أكبر المخاوف في أن يتطور الفيروس لينتقل عبر الهواء. ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن دراسة سابقة أظهرت أن الفيروس تطوّر في سيراليون خلال 24 يوماً من تفشّيه. وورد في الدراسة، أن هذه النتائج "تثير الكثير من التساؤلات حول طريقة انتقال الفيروس، واستجابته للعقاقير والأدوية، واستخدام بلازما التعافي. لكن بعض تطورات الفيروس قد لا يؤثر في استجابته للعقاقير، أو سلوكه في جسم الإنسان". وكان "إيبولا" تفشّى في أفريقيا، خصوصاً في سيراليون وغينيا وليبريا، وأصاب نحو 28 ألف شخص، توفي منهم أكثر من 11 ألفاً.