يعد تناول لحوم الأبقار أحد أبرز المشكلات التي تواجه الحكومات الهندية عموماً، فبينما يقدس الهندوس البقرة، تعد لحومها وجبة رئيسية لدى المسلمين وبعض الفئات الأخرى، نظراً لرخص ثمنها مقارنة باللحوم الأخرى. ومنذ وصول حزب "بهاراتيا جاناتا" الهندوسي القومي إلى السلطة برئاسة رئيس الوزراء نارندرا مودي السنة الماضية، شددت بعض الولاياتالهندية القوانين المتعلقة بذبح الأبقار. وأثار رئيس الحكومة المحلية في ولاية هاريانا الهندية والقائد البارز في الحزب الحاكم مانوهار لال خطار جدلاً، يوم الجمعة الماضي، بعدما طالب المسلمين الذين يعيشون في الهند بالتوقف عن استهلاك لحوم الأبقار. وقال خطار إن "البقر يعتبر ركناً من أركان العقيدة الهندوسية". وتحظر غالبية الولاياتالهندية ذبح الأبقار التي يعتبرها الهندوس حيواناً مقدساً. ويشكل الهندوس نحو 80 في المئة من إجمالي عدد سكان الهند البالغ 1.2 بليون شخص. وأثار قرار حظر تناول اللحم البقري غضباً في الهند، خصوصاً لدى المسلمين والمجموعات القبلية وطبقة الداليت، وهي أدنى الطبقات الاجتماعية الهندوسية، إذ يعتبرونها سلعة رئيسة لأنها أرخص ثمناً من لحوم الدجاج والسمك. وقال خطار لصحيفة "إكسبرس" الهندية "في إمكان المسلمين أن يعيشوا في هذا البلد، لكن عليهم التوقف عن أكل لحوم الأبقار التي تشكّل ركناً من أركان العقيدة الهندوسية". وأضاف: "حرية شخص ما تنتهي عندما تؤذي حرية شخص آخر. استهلاك لحم البقر يؤذي مشاعر مجموعة أخرى، حتى دستورياً لا يمكن القيام بذلك. الدستور ينص على أنه لا يمكنك الإساءة إلى مشاعري". وتابع خطار: "يمكن أن يبقوا مسلمين حتى عندما يتوقفوا عن أكل لحم البقر، أليس كذلك؟ ليس هناك نص يلزم المسلمين أو المسيحين بأكل لحوم البقر". لكن حزب "المؤتمر" المعارض انتقد تصريحات المسؤول في الحزب الحاكم، قائلا إنه "لا يحق لخطار الاستمرار في منصبه رئيساً لحكومة الولاية". ولا يثير هذا الأمر غضباً لدى الحزب الحاكم فقط، إذ قُتل هندي مسلم يدعى محمد أخلاق (50 عاماً) وأصيب ابنه البالغ 22 عاماً بجروح خطيرة خلال هجوم نفذه الشهر الماضي حشد هندوسي في ولاية أوتار براديش ضده، على خلفية اتهام أسرته بتخزين لحم بقري في منزله لاستهلاكه. واعتبر خطار أن عملية القتل حصلت "نتيجة سوء تفاهم وأن الطرفين ارتكبا بعض الأخطاء". وهاجم الحشد الغاضب الرجل وابنه بالحصى، ما أدى إلى مقتل الرجل وإصابة ابنه بجروح بالغة. ونقلت صحيفة "انديان اكسبريس" عن ابنة أخلاق قولها إن "السكان هجموا علينا بتهمة وجود لحم بقر في بيتنا، فضربوا والدي وشقيقي ورموهم بالحجارة". وأضافت أن العائلة علمت لاحقاً أن الاحداث نجمت عن اتهامهم من قبل المعبد الهندوسي المحلي بحفظ لحم البقر وأكله. ونفت العائلة وجود لحم بقر في بيتها، مؤكدة أنها كانت تخزن لحم الضأن، في وقت بدأت الشرطة تحقيقاً في القضية ووجهت بفحص اللحم، واعتقلت ستة أشخاص على علاقة بالحادث، ما دفع عدداً من سكان القرى المجاورة إلى التظاهر. ولفت ضابط كبير في الشرطة المحلية إلى أن "بعض السكان المحليين نشروا إشاعات حول ذبح أخلاق البقر واحتفاظه بلحمهم في بيته، ما دفع البعض إلى شن الهجوم على بيته". وكان الرئيس الهندي برناب موخرجى وافق على مشروع قانون يحظر ذبح الأبقار وبيع لحومها في ولاية مهاراشترا الغربية. وينص القانون على معاقبة مخالفيه بالغرامة والسجن مدة تصل إلى 5 أعوام. وحظرت المحكمة العليا ذبح الأبقار في ولاية كشمير ذات الغالبية المسلمة، ما دفع الإنفصاليون إلى تنظيم مسيرة إحتجاجية في أيلول (سبتمبر) الماضي احتجاجا على الحكم. وقال حزب "الشعب الديموقراطي" وهو الحزب الحاكم في ولاية جامو وكشمير إنه ينبغي على المحكمة العليا أن تترك للسكان حرية اتخاذ قرار في شأن ما يأكلونه وما لا يأكلونه. ويعتبر ناشطون في الولاية أن حظر لحوم البقر يضر بالنسيج العلماني والحريات الشخصية التي تتمتع بها الهند. وأيدت المحكمة العليا الهندية عريضة تطالب سكان كشمير بالامتناع عن ذبح البقر وتناول لحومها بناء على قانون متوارث من أيام الاستعمار البريطاني للهند.