دخلت ليبيا مرحلة فراغ سياسي شامل أمس، مع انتهاء ولاية مجلس النواب (البرلمان) المعترف به دولياً ورفض المجتمع الدولي القبول بخطوة التمديد التي اتخذها المجلس قبل نحو أسبوع، خصوصاً مع رفض البرلمان حكومة الوفاق التي اقترحها مبعوث الأممالمتحدة برناردينو ليون الذي انتهت ولايته أمس أيضاً. تزامن ذلك مع الذكرى السنوية الرابعة لمقتل العقيد معمر القذافي في مشهد طبع ذاكرة الليبيين وبدأ يثير جدلاً متزايداً، بين حنين إلى عهد من الأمن والاستقرار ولو على حساب الحرية، وبين التمسك بتحميل إرث الزعيم الليبي الراحل مسؤولية الانهيار الشامل، لتعمده ضرب المؤسسات وفي مقدمها الجيش. وفي تطور عسكري لافت، شنت طائرات مجهولة ضربات جوية على مواقع تنظيم «داعش» في سرت (وسط) ليل الاثنين، من دون أن تتوافر تفاصيل عن هوية الطائرات ولا نتائج الغارات، فيما أشارت تقارير جزائرية إلى خطة لنشر طائرات أميركية بلا طيار في قاعدة سرية جنوبالجزائر لمراقبة الأوضاع في ليبيا المجاورة . وانضم برلمان طبرق إلى نظيره المؤتمر الوطني في طرابلس، إذ بات المجلسان ممدداً لهما، من دون قبول دولي، فيما تفاقمت الأزمات الاقتصادية في البلاد. ووصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء في طرابلس أمس، إلى 2.85 دينار ليبي للدولار الواحد كما أبلغ «الحياة» متعاملون في سوق الذهب. وترافق ذلك مع ارتفاع أسعار الدقيق عشر مرات لتصل إلى 80 ديناراً ما دفع عدداً من المخابز إلى إقفال أبوابها بعدما وصل سعر رغيف الخبز إلى نصف دينار. ولعل هذا التدهور شجع بعض الليبيين بشكل متزايد على إبداء الضيق حيال ما آلت إليه الأمور منذ الثورة. وعقد البرلمان في طبرق اجتماعاً ليل الاثنين - الثلثاء، صوت فيه على رفض اقتراح ليون تشكيل حكومة ومجلس دولة لإخراج البلاد من أزمتها السياسية الناجمة عن وجود حكومتين وبرلمانين وجيشين، يعجز أي منهما على مواجهة تمدد تنظيم «داعش» في ليبيا خصوصاً في سرت، ما يهدد بتقسيم البلاد عملياً واستحالة وصل أجزائها الغربية بالشرقية والجنوبية. ورأى مراقبون في طرابلس أن برلمان طبرق أضاع عليه فرصة إحراج المؤتمر الذي يعجز بدوره عن إقرار خطة ليون، وتحقيق نصر سياسي يؤكد قدرة نواب طبرق على الاضطلاع بواجباتهم. غير أن الأجواء كانت مختلفة في بنغازي حيث رأى متابعون أن رفض البرلمان كان طبيعياً، باعتبار أنه لو خرج عن الإجماع في الشرق، لكان ذلك صعد المطالبات بإقصائه من المشهد وتشكيل مجلس عسكري بقيادة الفريق خليفة حفتر لإدارة شؤون المنطقة. في غضون ذلك، شنت طائرات «مجهولة» ليل الاثنين، غارات على منطقة «أم القنديل» حيث يتمركز مسلحو «داعش»، على بعد 20 كلم من مدينة النوفلية شرق سرت. وأبلغ مصدر في سرت «الحياة» أن ثمة قناعة سائدة في المدينة، بأن الطائرات المغيرة تتبع إلى دولة غربية، فيما أشار مصدر آخر إلى «احتمال أن تكون الطائرات روسية لأن موسكو تريد أن يكون لها دور في ليبيا بعد سورية» حماية لمصالحها في المياه الدافئة في المتوسط.