أعاد حادث غرق أفراد عائلة آل صفوان أزمة الهجرة غير الشرعية في لبنان إلى الواجهة مجدداً، ما يسلط الضوء على هذه الأزمة التي تفشت منذ عامين وتعاظمت أخيراً، في ظل صمت حكومي لبناني. الفقر والجوع دفع عائلة آل صفوان المكونة من 12 فرداً إلى الرحيل من لبنان، فتوجهت العائلة جواً الى تركيا. وفي إزمير، التقت مهربين لنقلها الى اليونان بحراً الأحد الماضي، لكن الزورق المطاطي الذي أقلها غرق بمن فيه، فتوفي 9 أفراد فيما عُثر على خمس جثث. ويعاني لبنان كغيره من دول المنطقة من أزمة اقتصادية تدفع مواطنيه إلى الهجرة غير الشرعية، إذ يتوجه المئات من مرفأ طرابلس عبر البحر الى تركيا، ومنها الى اليونان، للانتقال الى دول أوروبيّة أبرزها ألمانيا. وذكرت مواقع لبنانية محلية أن المعلومات المتوافرة تشير إلى أنّ حوالى ألفي لاجئ من شمال لبنان، من بينهم سوريّون ولبنانيون، كانوا ينتظرون منذ أيام مصيرهم في جزيرتَي ميتيليني وكوس اليونانيّتين، ليعبروا في اتجاه أثينا ومن ثمّ مقدونيا، وربما منها الى دول أوروبيّة أخرى. وكشفت المعلومات أن 250 شاباً من منطقة الميناء و70 شاباً من قرى الضنيّة توجهوا منذ أيام إلى تركيا عبر البحر. ونقل أحد المواقع اللبنانية عن سكان محليين من طرابلس قولهم إن المدينة ستشهد خلال الأسابيع المقبلة هجرة جماعيّة غير مسبوقة منذ الحرب الأهليّة في اتجاه تركيا، وعبر قوارب في اتجاه أوروبا، وإن بين المهاجرين عائلات لبنانية. وأفادت إحدى الصحف اللبنانية بأن هناك "مافيات" تركية-لبنانية مشتركة تنظّم رحلات غير شرعية لعائلات لبنانية ولاجئين فلسطينيين من مخيمات لبنان إلى أوروبا، وذلك بالطريقة نفسها المعتمدة لنقل النازحين السوريين. وتقوم تلك المافيات بنقل اللبنانيين من تركيا إلى الجزر اليونانية بقوارب مطاطية، من دون أن تكون في حوزتهم أي وثائق رسمية، بهدف إظهارهم كنازحين سوريين هاربين من الحرب في بلدهم. ومن تلك الجزر، تقلهم باخرة المسافرين إلى أثينا مقابل 50 يورو للشخص. وتتقاضى المافيا التركية عن نقل كل مسافر من إزمير الى أثينا 2000 دولار. ومن هناك تقلّهم حافلات إلى نقطة محدّدة على حدود مقدونيا، ثمّ يتجاوز المسافرون نحو خمسين متراً سيراً ليصبحوا على حدود صربيا، ومنها يقصدون النمسا بواسطة القطار، وذلك إمّا من طريق صربيا أو من طريق أوكرانيا. ومع بلوغهم النمسا، يختارون الدولة التي يريدون اللجوء إليها، وغالباً ما تكون ألمانيا. ويقصد المئات من الركاب يومياً مرفأ طرابلس في شمال لبنان، حيث تنتظرهم سفن سياحية تتجه إلى الشاطئ التركي، لكن هذه الرحلات السياحية تشكل بالنسبة لعدد كبير من السوريين وسيلة للهروب من الحرب المستمرة في بلادهم. وتكاد الرحلات العائدة إلى طرابلس تخلو من السياح، باستثناء بعض اللبنانيين. ووفق إحصاءات المديرية العامة للأمن العام اللبناني، يغادر إلى تركيا يومياً ما يقارب الألف راكب، غالبيتهم من الجنسية السورية، وهم يشكلون أكثر من تسعين في المئة من حركة السفر عبر المرفأ، ويكونون قادمين مباشرة من الحدود اللبنانية- السورية. وحذّر مفوض أوروبي الشهر الماضي من احتمال أن تنطلق الموجة الكبرى المقبلة من المهاجرين غير الشرعيين الى أوروبا من لبنان، الذي يشهد وضعاً «مأسوياً»، مشيراً آنذاك إلى أن عدم استقرار الوضع السياسي اللبناني ونسبة البطالة المرتفعة (نحو 20 في المئة) والديون الضخمة، تشكل مزيجاً خطراً من المرجّح أن يؤدي إلى تفاقم الهجرة غير الشرعية.