تسعى شركات عدة لصناعة السيارات الأوروبية إلى الحصول على حصص في السوق الإيراني، بعدما توصلت القوى الكبرى وطهران إلى اتفاق في شأن البرنامج النووي للأخيرة، وقُرب رفع العقوبات الإقتصادية عنها. وتحتل سوق صناعة السيارات المرتبة الثانية بعد صناعة النفط والغاز في إيران، وتمثل عشرة في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإيراني، ويعمل فيها أربعة في المئة من القوى العاملة في البلاد. وتجري شركتا "رينو" و"بيجو" الفرنسيتان، مباحثات حول إمكان عودتهما إلى السوق الإيرانية، بعدما غادراها في العامين 2011 و2012 بسبب العقوبات. وأدت العقوبات المفروضة على إيران إلى خنق إنتاج البلاد من السيارات من نوع "رينو توندار" النسخة المحلية ل"داسيا لوغان" التي يتم تجميعها من قطع غيار مستوردة. وتجري مجموعة "بي إس آي بيجو سيتروين"، المنافسة الفرنسية ل"رينو"، "مناقشات مكثفة" مع شريكتها الإيرانية التاريخية "إيران خودرو" لإنشاء شركة مشتركة جديدة. ومجموعة "إيران خودرو" هي أكبر مصنع للسيارات في الشرق الأوسط. وعلى رغم انخفاض مرتبة إنتاج السيارات في إيران من 17 إلى 20 على مستوى العالم منذ العام 2008 بعد تعزيز العقوبات، إلا أن البلاد لا تزال تنتج السيارات بنسبة أعلى من إنتاج دول مثل إيطاليا والنمسا وأستراليا وهولندا. وتنتج "إيران خودرو" حالياً 350 ألف سيارة سنوياً من نوع "بيجو"، لكن المجموعة الفرنسية لا تحتسبها لأنها تصنع بموجب نظام لتجميعها من قطع محلية وصينية. ويعاني الإقتصاد الإيراني آثار العقوبات الدولية منذ العام 2007. وانخفض إنتاج السيارات في إيران بين العامين 2011 و2013 إلى أكثر من النصف، حتى وصل إلى نحو 625 ألف سيارة بعدما كان 1.42 مليون سيارة. وشكّلت السيارات المستوردة في العام 2013 ما نسبته 12.6 في المئة من الإنتاج المحلي، بقيمة 3.7 بليون دولار. ومع انتقال المفاوضات النووية العام 2014 إلى مرحلة جديدة وبدء تخفيف العقوبات جزئياً في أواخر العام 2013، ارتفع الإنتاج 53 في المئة ليصل إلى مليون و130 ألف سيارة العام 2014. وساعد على ذلك اتجاه المستهلك إلى الإنتاج المحلي بعد الانخفاض الحاد للعملة الايرانية إثر زيادة العقوبات، ما ادى إلى ارتفاع كبير في أسعار السيارات المستوردة. وتدرس السلطات الإيرانية زيادة الرسوم الجمركية من 40 في المئة إلى 70 في المئة في محاولة منها لدعم الصناعة المحلية. وتصل كلفة إنتاج سيارة واحدة في إيران إلى نحو 2500 دولار، في حين أن متوسط كلفة استيراد سيارة واحدة يبلغ ثمانية آلاف دولار تقريباً، ما يخلق ميزة نسبية للمنتجين المحليين. ومع إنتاج 1.1 مليون سيارة العام 2014، تمكنت إيران من توفير نحو ستة بلايين دولار. ووسعت طهران، في محاولة منها لحماية هذه الصناعة، علاقاتها التجارية مع دول شرق أوروبا والصين. وأصبحت شركة السيارات الصينية "شيري" التي بدأت تصدير السيارات إلى إيران العام 2005، شريكة رئيسة لمجموعة "إيران خودرو" خلال سنوات فرض العقوبات. ودخلت أكثر من عشرين شركة صينية لصناعة السيارات وغيرها من الشركات المصنِّعة السوق الإيرانية منذ العام 2007، بما فيها "ليفان"، "تشانجان"، "هيما"، "دونغ فانغ"، "فوتون"، "بريليانس" و"إم جي". وتمثل العلامات التجارية الصينية ستة في المئة فقط من حصة السوق الإيراني، لكن من المتوقع أن تزيد هذه النسبة إلى حد كبير. ويشكل عدم تمكن إيران من الحصول على السيولة والتمويل الدولي عقبة حقيقية أمام تحقيق المزيد من النمو في هذه الصناعة، فكل شركة تحتاج إلى قروض بقيمة لا تقل عن 500 مليون دولار لتوسيع منشآتها وتحديثها. وهو ما قد يحدث في حال رفع العقوبات الاقتصادية في شكل نهائي عن إيران.