سيطر أمس هدوء حذر على كل محاور القتال التقليدية بين جبل محسن وباب التبانة في طرابلس (الشمال) بعد اشتباكات ليلية هدأت تدريجاً، مع استمرار عمليّات القنص المتقطع على محاور الملولة وشارع سورية ودوار أبو علي وسقوط عدد من القذائف المتفرّقة، فيما انشغلت قيادات المدينة في معالجة الوضع الأمني المتدهور في اجتماع في دارة النائب محمد كبارة. وسُمع إطلاق نار كثيف وبعض القذائف الصاروخية، تبين أنها أطلقت في أثناء تشييع مصطفى النحيلي «أبو جمال» في محلة باب التبانة. وكانت الاشتباكات حصدت منذ اندلاعها الخميس الماضي حتى ليل أول من أمس 12 قتيلاً بينهم عسكري و57 جريحاً بينهم عسكريون وفق «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية). وردّت وحدات الجيش أمس، بالأسلحة المناسبة على مصادر النيران من مراكزها الثابتة في المنطقة وأطلقت القنابل المضيئة لاستكشاف أماكن المسلّحين والقناصة لتوقيفهم وإحالتهم على القضاء المختص. وطوّقت وحداته سوق الخضر إلى حين تسليم المسلّحين الذين استهدفوا ناقلات الجند في محلة الملولة أنفسهم. ونعت قيادة الجيش- مديرية التوجيه في بيان «العريف الشهيد فادي السقعان، من الكواسبة (راشيا)، الذي استشهد مساء أول من أمس أثناء قيامه بمهمة حفظ الأمن والاستقرار في المدينة». وكان الجيش أصدر بياناً أوضح فيه انه «إلحاقاً ببيانه السابق المتعلق بتعرض قوى الجيش لإطلاق قذائف صاروخية من قبل عناصر مسلحة في مدينة طرابلس، أُلقيت رمانة بندقية من نوع اينيرغا على ناقلة جند في محلة الملولة أدت إلى استشهاد أحد العسكريين»، مؤكداً «استمرار قوى الجيش بالرد على مصادر النيران». وكان أصيب 6 عسكريين في اعتداءات على 3 ناقلات جند خلال دوريات ليل أول من أمس. ودان رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي «الانفلات الامني الاخير في طرابلس». واعتبر انه «حان الوقت لكي ينعم أبناء طرابلس بالهدوء والامان بعد كل الأثمان التي دفعوها جراء استخدام مدينتهم كصندوق بريد للرسائل المتفجرة». وأكد ميقاتي خلال اتصالات أجراها مع قيادات طرابلس وفاعلياتها والقادة الامنيين، «ضرورة قيام القوى الامنية بكل ما هو مناسب من اجراءات وتدابير لإعادة الهدوء»، مشدداً على «دعم جهود الجيش وإدانة التعرض له واستهدافه». وتابع وزير العدل اللواء أشرف ريفي منذ ليل أول من أمس المستجدات الأمنية لا سيما التوتر الاخير الذي حصل ليل أول من أمس بين الجيش وأبناء باب التبانة على خلفية مقتل النحيلي. وأجرى ريفي سلسلة اتصالات مع فاعليات، وعلماء منطقة باب التبانة من جهة، وقيادة مخابرات الجيش من جهة أخرى، لاحتواء الإشكال، وعدم السماح بوقوع فتنة بين أهالي المدينة والجيش. وطالب ب «ضرورة إجراء تحقيق شفاف في الحادث، ومعاقبة المتورطين»، مؤكداً ان «اهالي طرابلس عموماً، والتبانة خصوصاً هم تحت سقف القانون، ومطلبهم الوحيد هو العدالة، وتطبيق القانون بشكل متوازن على الجميع». وشدّد نواب طرابلس وفاعليات باب التبانة بعد الاجتماع الذي عقد في دارة كبارة، على «ضرورة اعتماد التهدئة والتصرف بحكمة، والعمل على وقف إطلاق النار بشكل فوري لتفويت الفرصة على المتربصين شراً الذين يحاولون جر طرابلس إلى معركة من دون أفق، لا تصب في مصلحة أحد». وأكدوا أن «طرابلس مجتمعة، تريد العيش في كنف الدولة بأمن وأمان، ولكن بعدالة وتوازن وتوازي بين الجميع، وترفض وضع أبناء المدينة في مواجهة الجيش والقوى الأمنية». وشددوا على «ضرورة إعادة بناء الثقة بين أبناء المدينة وبين المؤسسات العسكرية والأمنية وعلى رأسها الجيش، والعمل على إجراء التحقيقات اللازمة في ما يشاع عن عمليات تصفية جسدية لعدد من المطلوبين، وإعادة النظر بالإجراءات وعدم الإفراط في استخدام القوة».