واجهت السلطات الجزائرية صعوبات كبيرة في تهدئة الأوضاع في مدينة غرداية (جنوب العاصمة) حيث دارت على مدى اربعة ايام مواجهات بين سكان من الغالبية المالكية والأقلية الإباظية ارتدت طابعاً عرقياً كون اتباع «المذهب المالكي» من العرب في حين ان «الإباظيين» هم من الأمازيغ. واستحكم الانفلات الأمني امس، في المدينة حيث فشلت قوى الأمن في ضبط الأوضاع، فيما انتقل رئيس الوزراء بالنيابة يوسف يوسفي ليل السبت - الأحد الى المدينة التي تبعد 600 كلم جنوبالجزائر العاصمة لإجراء اتصالات مع الأعيان بهدف تهدئة الوضع بعد مقتل ثلاثة من العرب وإصابة رابع بجروح خطرة، برصاص «مجهولين». ورافق يوسفي الى غرداية وزير الداخلية الطيب بلعيز وقائد الدرك اللواء أحمد بوسطيلة. وأفاد بيان حكومي بأن الزيارة تهدف الى «الإطلاع ميدانياً على تطور الأوضاع واتخاذ التدابير بهدف وضع حد للأحداث المؤلمة التي تمر بها المدينة». واستقبل يوسفي المعيّن في منصبه حديثاً، أعياناً وممثلين عن المجتمع المدني في مقر إقامة والي غرداية. وقال شهود ل «الحياة» إن نقاشات حادة دارت بينه وبين أعيان من الطرفين (عرب وإباظيين). وقال عضو في لجنة المتابعة إن «وزير الداخلية لم يتقبل انتقادات بتقصير أجهزة الأمن». واستقبلت زيارة يوسفي لغرداية بتظاهرة شارك فيها ألاف من سكان المدينة ل «التنديد بالجرائم المرتكبة خلال المناوشات». واعتصم المتظاهرون أمام مقر الولاية مرددين شعارات تطالب بالعدالة و«تطبيق القانون ضد المجرمين المتسببين في الأحداث». وكانت غالبية المتظاهرين أمس من العرب الغاضبين لمقتل ثلاثة من ذويهم، والمطالبين بفتح تحقيق في مقتل الشبان برصاص مجهولين. واستقبل يوسفي ممثلين عن المتظاهرين الذين نقلوا اليه طلباً ب «فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات» و«تسوية الأزمة بشكل دائم»، واستجاب رئيس الوزراء لطلب التحقيق الفوري، واعداً ب «تحديد المسؤوليات وتطبيق القانون ومتابعة عمليات التنمية فور عودة الهدوء». ووعد بأن تساهم الدولة «في إعادة تأهيل الممتلكات المتضررة جراء هذه الأحداث والتخفيف من معاناة المتضررين». واتهمت خلية التنسيق والمتابعة للأحداث في غرداية «عناصر مجهولة الهوية «دخلت الولاية وتغلغلت بين مثيري الشغب، ما ساهم في الانفلات الأمني وأثار موجه هروب جماعي» لعشرات المواطنين. وعمد عشرات التجار امس، إلى اغلاق محالهم التجارية بإحكام، استعداداً لمغادرة المدينة مع عائلاتهم الى مناطق أكثر أمناً. وبدا الوسط التجاري للمدينة مهجوراً. ولم ترق هذه المعطيات لوزارة الداخلية التي سارعت الى اعلان أن وزير الداخلية اجتمع بوالي غرداية ومسؤولي أجهز الأمن، وتقرر إرسال 10 وحدات جديدة من قوات مكافحة الشغب. وطالب مواطنون من ضحايا أعمال العنف والتخريب في غرداية في شكوى جديدة، بتغيير طريقة تعامل قوات مكافحة الشغب مع مجموعات الملثمين واستعمال العنف ضد الحشود التي تعتدي على الأشخاص والممتلكات. وفي بيان وزع مساء الجمعة، قال السكان الغاضبون: «إننا نفهم طريقة تسيير الأزمة في غرداية بأنه قرار من الحكومة بالتخلي عن سكان المدينة»، وأضاف البيان أن المشكلة لا تحل بمضاعفة عدد عناصر الشرطة «بل بالتعامل بكل شدة وحزم مع مجموعات من المجرمين المسلحين بأسلحة بيضاء». في غضون ذلك، أعلن بيان للجيش أن وحداته قتلت مسلحاً في منطقة أغريب في ولاية تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة)، وأوضح البيان أنه خلال «متابعة لعملية التمشيط في منطقة أغريب في القطاع العملياتي لتيزي أوزو في الناحية العسكرية الأولى، تمكنت مفرزة من الجيش الشعبي الوطني الأحد من القضاء على إرهابي واسترجاع بندقية ألية من نوع كلاشنيكوف وثلاثة مخازن ذخيرة وقنبلة يدوية».