تواصل مسلسل طرد المعلمات السعوديات من المدارس الأهلية، وفي وضح النهار على مرأى ومسمع من وزارتي العمل والتعليم، وذلك لإحلال المعلمة الأجنبية بدلاً منها، تحايلاً على نظام وزارة العمل الذي أقر الرواتب الجديدة لمعلمات المدارس الأهلية، ومقدارها 5000 ريال. ومنذ إقرار هذا القانون والمدارس الأهلية تبتكر طرقاً عدة للتحايل عليه، رافضة بشكل أو آخر تطبيق هذا القرار. وقالت المعلمة أمل الغامدي ل«الحياة»: «بعد البحث المضني عن مدرسة أهلية للعمل فيها، استطعت الحصول على وظيفة في إحدى تلك المدارس، التي تعتبر من فئة النجوم الخمس. وبدأت العمل معهم بعد طلبهم مني شهادة كفايات المعلمات، التي يعتبر الحصول شرطاً من شروطهم، فليس التعليم الحكومي من يطلب ذلك فقط، بل الأهلي أيضاً. وكذلك التحقق من إجادتي مهنة التدريس، ولم يمض أسبوع على اجتيازي كل الشروط والاختبارات وتسلمي العمل، حتى بدت علامات طردي واضحة على محيا المشرفات». وتزيد الغامدي: «طلبن مني بعض المهمات الصعبة، التي يراد منها تطفيشي، مثل إعطاء الطالبات حصص تقوية بعد الدوام، وأن يكون موعد انصرافي الرابعة عصراً، بدلاً من الثانية والنصف، ووافقت على مضض، لحاجتي الماسة إلى الراتب، ثم طلبن مني حضور دورات خارجية أذهب لها بنفسي. وكانت المفاجأة بالنسبة إليهم أنني وافقت على ذلك، بعدها لم يستطعن الصبر، وبعدها قلن لي: استغنينا عنك بحجة أني لم أعجب الطالبات». وعملت المعلمة سهير بوقري في إحدى المدارس العالمية، التي فصلتها عن العمل «تعسفياً»، مبينة أنها كانت تعمل محضرة معمل، ولديها شهادة بكالوريوس تخصص أحياء دقيقة، وعملت في المدرسة منذ عام 2013، قبل أن يفصلوها. وقالت ل«الحياة»: «إن سياسة المدرسة مع الموظفات السعوديات تعسفية دائماً، ولدي كثير من الشواهد على ذلك، وذلك عكس تعاملهم مع الموظفات الأجنبيات، اللائي يشكلن الغالبية العظمى من المعلمات، فالمدرسة مملوكة لمستثمر سعودي بالاسم فقط. أما المالكة الحقيقية فهي مقيمة تحمل جنسية إحدى الدول العربية. وهذا هو سبب تحيزهن للأجنبيات، وظلم السعوديات واضطهادهن، حتى في جدول الحصص، أو تكليفهن بمهمات غير منطقية، ولسن مطالبات بها أصلاً». وأشارت بوقري إلى أنها تم تشغيلها في جميع الوظائف «من الأعمال الإدارية والإشراف والاستقبال، بل ومراسلة للمدرسة بين الوزارات، وبعد فصلي قدمت شكوى إلى الفرع النسائي في وزارة العمل، ولم ينصفني، إذ اشتكيت من تعامل المدرسة معي بشكل غير لائق، وتعرضي إلى مهانة شديدة». وأضافت ما زالت قضيتي لديه، ولم يتم البت فيها، بل طلب مني مكتب العمل - مع الأسف - التوقيع على تعهد بعدم الذهاب إلى المدرسة مرة أخرى. وعندما رفضت التوقيع، قامت المديرة بطردي علناً من المدرسة، في أول يوم في الدوام، وتوجيه الإهانات والسباب لي، ولاحقوني في المدارس الأخرى، بتشويه سمعتي لديهم، ما أدى إلى عدم توظيفي، وعدم قبول ولدي». لكن مالكة إحدى المدارس الأهلية للبنات قالت ل«الحياة»: «إن المدرسة تختبر المعلمة في فترة محددة، هي خيار للطرفين، وفي العقد يوجد بند يبين أن من أراد من الطرفين عدم الإكمال فيحق له ذلك من دون أي التزام، ويحق للمعلمة أخذ رواتب الأيام التي حضرها، ومن حق المدرسة الاستغناء عن أي معلمة أثناء فترة التجربة التي تصل إلى شهر في بعض الأحيان». ولفتت إلى أن نظام العمل ينص على أن «الموظف يكون تحت التجربة مدة 3 أشهر»، مشيرة إلى أنها في مدرستها توظف ذوات الكفاءة «ولن تتنازل عن ذلك المستوى سواء بمعلمة سعودية أو أجنبية، ولن نعمل إلا ما فيه مصلحة المدرسة». دحلان: حالات الفصل التعسفي يعالجها مكتب العمل عضو المدارس العالمية في الغرفة التجارية الدكتور صادق دحلان أكد ل«الحياة» أن نظام العمل يقر بالفترة التجريبية للطرفين، لكن الإشكال في أن بعض مديرات المدارس يستعجلن في الحكم على المعلمة من أول أسبوع، فقد يحصل ظرف طارئ للمعلمة في الأيام الأولى»، مقراً ب«تعسف في فصل المعلمات والمعلمين، فنجد أن مديرة المدرسة تقوم بفصل معلمة ليس لسوء عملها أو انضباطها، بل لعدم الارتياح النفسي لها. وهذا ظلم لها». ورأى دحلان أن «القانون كفل حق التظلم للمعلمة المفصولة من دون وجه حق، فعند رفعها شكوى إلى مكتب العمل يقوم بإرسال مشرفة، تحرر محضراً بالمشكلة، ثم تقابل المعلمة، وإذا تبين لديهم أن الفصل تعسفي، ولا يوجد له مبرر، فإنهم يرجعون المعلمة إلى المكان نفسه، أو الرفع إلى الهيئة داخل مكتب العمل التي تفرض على المدرسة مخالفة وغرامة أو إيقاف خدمات».