إذا كان العمانيون والبحرينيون يتميزون بحلواهم، التي أصبحت هدفاً للسياح، وارتفع الطلب عليها، فإن «السفسيف» الأحسائي يتصدر هو الآخر المؤائد في الأحساء، ولهم حضوره الطاغي في المناسبات الاجتماعية. ويعد «حلوى البسطاء»، الذين يتفننون في تصنيعه يدوياً، من دون تدخل الآلة. وبقي منذ زمنٍ طويل الهدية الأغلى بين الجيران، خصوصاً حين يقترب فصل الشتاء. ويعد طبق الحلوى المحلى وسط منافسة حلويات من ماركات عالمية. كما يعتبر من مواد الضيافة للمائدة الشتوية، إذ يتميز بفوائد التمر المعروفة إلى جانب الدبس والمواد المضافة، التي تكسب الجسم الطاقة والنشاط والحيوية. وقد يتبادر إلى ذهن من يرى «السفسيف» للمرة الأولى أنه مجرد حبات تمر مصفوفة بعناية ومغطاة بعسل النخل (الدبس)، ومزينة بالمكسرات، إلا أنه لدى الأحسائيين يفوق ذلك بكثير. ولا يتجاوز سعر العلبة من «السفسيف» متوسطة الحجم 15 ريالاً، ويكثر بيعه بجوار المساجد ومناطق التجمعات. وبعناية، يختار عبدالله السلطان حبات من تمر «الرزيز»، وهو أحد أنواع التمور الكثيرة التي تتميز بها الأحساء، ليعد بها طبق «السفسيف». ويفضل الحبة الصغيرة، التي تميل إلى السواد، وبعد غسله وتنظيفه جيداً، تبدأ عملية شق كل حبة بسكين صغيرة، وتزال النواة، وتستبدل بالمكسرات. ولم يكن الأحسائيون يحبذون نزع النواة، إلا أن المكسرات دخلت في السنوات الأخيرة، باعتبارها عامل تزيين إضافي له. وقال السلطان: «إزالة النواة ليست ضرورية، ولكن البعض يفضل ذلك، وبعد الانتهاء من هذه المرحلة نبرش الزنجبيل المطحون والسمسم المحمص ونبتة الحلوة (الكمون الحلو)، وبعد كل طبقة نصب الدبس بكثرة، وهكذا حتى يتغطى التمر به، ويصبح جاهزاً للتقديم». وتحتفظ بعض الأسر في الأحساء بأسرار تصنيع «السفسيف»، ونوع الخلطات التي تستخدمها في إعداده. ويتميز بتنوع مذاقه من منزل إلى آخر، مع الحفاظ على شكله العام. وتتميز بعض العائلات بإضافتها الخاصة، التي تجعلها سراً يخصها من دون غيرها. وتتسابق قرى في الأحساء على شراء «السفسيف» من عائلة محددة، وتتناقل أجيال هذه العائلة «السر». إلا أن سامية العمار، كشفت سر عائلتها في إعداد «السفسيف»، وهو بحسب قولها: «ما يمز تمرنا عن البقية»، موضحة أن «إعداد هذا النوع من الحلوى يتم بعناية خاصة، إذ اعتدنا على وضع قدر كبير أو متوسط الحجم، على نار هادئة، ونسكب القليل من الدبس حتى يسخن، ونضيف عليه التمر حتى يكتسب الحرارة المطلوبة، ثم نغطي القدر ونقلبه، فيتغلغل الدبس في حبات التمر المرشوش بالمواد المعروفة، مثل الزنجبيل والكمون الحلو، وأخيراً السمسم للتزيين، وقليل من المكسرات المطحونة». فيما تستقبل العائلات المعروفة بجودة منتجها من «السفسيف» طلبات شراء بما يفوق قدرتها الإنتاجية، وتستعين بالأقارب، للمساعدة على تلبية الطلبات. وعلى رغم شعبية هذا الطبق، إلا أن شركات الأغذية في الأحساء عازفة عن الخوض فيه، ربما خوفاً من الفشل في منافسة العائلات التي اشتهرت بصناعته، حتى تكاد تحتكره.