يعيش سكان صنعاء في بؤرة من مخازن الأسلحة تحيط بهم من كل اتجاه، فبعدما استهدفت قوات التحالف العربي بقيادة السعودية غالبية مخازن الأسلحة، نقلت ميليشيات «الحوثي» وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح ما تبقى من الأسلحة إلى أماكن أخرى قريبة من تجمعات سكنية في العاصمة اليمنية. أم أحمد (60 عاماً) توفيت بعد أسبوع من مكوثها في العناية المركزة بسبب إصابتها بصدمة إثر انفجار كبير وقع في مخزن الأسلحة القريب من منزلها. وقال ابنها أحمد الدعبوش ل«مدرسة الحياة» إن والدته «ذهبت إلى النوم مثل عادتها في التاسعة مساء، وعند منتصف الليل دوّت في مخزن السلاح القريب من منزلنا في جبل نقم انفجارات عدة، حينها سمعنا صرخة قوية تخرج من غرفة أمي في الطبقة الثانية». وأضاف: «ذهبنا مسرعين إلى الغرفة فوجدنا النوافذ مفتوحة على مصراعيها، ورأينا أمي ملقاة على الأرض وغائبة عن الوعي، نقلتها إلى المستشفى فأدخلوها إلى العناية المركزة مباشرة، أخبرني بعد ذلك الطبيب بأنها أصيبت بصدمة كبيرة أدخلتها في غيبوبة». من جانبه، أكد الطبيب في المستشفى الذي توفيت فيه أم أحمد، أن «حالتها ليست الأولى التي ترد إلى المستشفى. سبقها خلال الشهور الثلاثة الماضية أكثر من أربع حالات تعاني من الأعراض نفسها، ثلاثة منهم فارقوا الحياة». وأشار ألى أن «حالات الصدمات العصبية زادت بشكل كبير، وتتفاوت درجة خطورتها، بعضها حرجة، والآخر اقل خطورة». حال أم أحمد مثال بسيط عن الضحايا «غير المباشرين» للإنفجارات التي تحدث في مخازن الأسلحة، والتي تنتشر في كل مكان في صنعاء، بداية من معسكر الإمداد والتموين في منطقة عصر، ومعسكر لواء الصواريخ في جبل عطان، ومعسكر النهدين في دار الرئاسة، ومعسكر الحفاء شرق صنعاء، ومعسكر الخرافي، ومعسكر خشم البكرة شمال شرقي العاصمة، ومعسكر ما كان يسمى سابقاً الفرقة الأولى مدرع، ومعسكر اللواء الرابع القريب من التلفزيون وسط صنعاء، ومعسكر قوات الإحتياط، ومعسكر جبل نقم القريب من صنعاء القديمة. وفيما تستمر مأساة سكان صنعاء، ويخيم عليهم الخوف الدائم من الإنفجارات التي تحدثها الأسلحة المخزٌنة بجوارهم، وآخرها كان في مخزن الأسلحة في معسكر اللواء الرابع القريب من منطقة التلفزيون، إذ استمرت الإنفجارات لأكثر من ساعتين وتطايرت منها الكثير من الصواريخ التي خلفت عدداً من الإصابات. وتنتشر مخازن سلاح كبرى قرب مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة، مثلما هو الحال في معسكر فج عطان (لواء الصواريخ) الذي يحتوي على مخازن للصواريخ بمختلف أنواعها، ومعسكر جبل نقم الذي يعتبر المخزن الرئيسي للسلاح في اليمن. وأشار عدد من سكان العاصمة إلى أن بعض المنشآت الحكومية تم تحويلها الى ثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة، ما يمثل مخاوف إضافية للمدنيين الساكنين في محيطها. ويأمل اليمنيون بعد حسم الصراع وانتهاء الحرب، أن تنقل كل مخازن الأسلحة الموجودة داخل المدن إلى أماكن بعيدة من المناطق الآهلة بالسكان، حتى لا تتحول من مخزون استراتيجي للأمن القومي إلى مخزون استراتيجي للموت.