يسعى إقليم كاتالونيا إلى الانفصال عن إسبانيا منذ فترة، خصوصاً وأنه يمتلك مقومات الإستقلال، إلا أن مدريد تقاوم الحلم الكاتالوني بشدة وتتمسك بالوحدة. ويقيم في إقليم كاتالونيا الذي يعد منطقة صناعية مهمة، 7.5 مليون شخص من أصل 46 مليوناً يقطنون إسبانيا. واتخذ الاقليم إجراءات عدة على طريق الاستقلال، إذ دعا رئيس الإقليم أرتور ماس إلى الإستفتاء على الإنفصال في 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، لكن دعوته رُفضت من المحكمة الدستورية الإسبانية، بعد طعن الحكومة فيه، معتبرةَ أنه يمسّ «سيادة الدولة الإسبانية». واعتبر ماس آنذاك أن «العملية لا تنتهي مع قرار المحكمة الدستورية»، ونظّم استفتاءً رمزياً (غير رسمي) صوت فيه أكثر من مليوني شخص. وكشفت النتائج أن 80.7 في المئة من الكتالونيين يؤيدون الإنفصال. لكن ماس أكد أن «تنظيم اقتراع لا يعني إعلان الإستقلال»، وأن «استشارة الكاتالونيين تعد نجاحاً تاريخياً يهيئ المجال نحو استفتاء كامل». واعتبر أن الاقتراع منح الإنفصاليين «تفويضاً» للمضي في مشروعهم للإستقلال عن إسبانيا بحلول العام 2017. من جهته، رفض وزير العدل الإسباني رافائيل كاتالا نتائج الاستفتاء، ووصفه بأنه «عقيم وغير مجد». واعتبر النواب الإسبان أن «تنظيم مثل هذا الاستفتاء يتعارض مع الدستور المعتمد منذ عام 1978، والذي يكرس إسبانيا على أنها دولة لا يمكن تقسيمها». وفي أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي حقق الإنفصاليون فوزاً نسبياً من خلال الحصول على الغالبية المطلقة في البرلمان المحلي، إذ حصلت قائمة «معاً من أجل نعم» التي يتزعمها ماس على 72 مقعداً من أصل 135 مقعداً تشكّل برلمان الإقليم. لكنهم لم يفوزوا بغالبية الأصوات، بل بنسبة 47.8 في المئة منها، الأمر الذي لا يسمح لهم بإجراء استفتاء. ونقلت صحيفة «باييس» الإسبانية عن ملك إسبانيا فيليبي السادس قوله: «لقد تم بناء أوروبا على الرغبة فى الإضافة وليس النقصان ومن أجل التوحد وليس التفرق، وإسبانيا متحدة وفخورة وتحترم سيادة القانون»، ليزيل الشكوك كافة حول إنفصال كاتالونيا. وعقب الانتخابات البرلمانية بيومين، استدعى القضاء الإسباني ماس، لاتهامه ب«عصيان مدني»، بعد تنظيمه الإستفتاء الرمزي على الإستقلال عام 2014 . وسيمثل ماس أمام القضاء في 15 تشرين الأول (اكتوبر) المقبل. ويحظى إقليم كاتالونيا بأوسع تدابير للحكم الذاتي بين الأقاليم الإسبانية، وتبلغ مساحته 32.1 ألف كيلومتراً مربعاً، ويضم 947 بلدية موزعة على أربع مقاطعات.