شكلت صفقة بيع حاملتي طائرات «ميسترال» الفرنسيتين خلافاً بين موسكووباريس منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، بعدما كان من المقرر بيعهما إلى روسيا، إلا أن الاعتراضات الأوروبية والأميركية على هذه الصفقة حالت دون اتمامها لصالح روسيا، وخصوصاً بعد احتلالها شبه جزيرة القرم وتدخلها في أوكرانيا. وأصبح ملف حاملتي الطائرات الحربيتين موضع خلاف ديبلوماسي-عسكري منذ أن قرر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ربط تسليمهما بالتسوية السياسية لأزمة أوكرانيا. وكرر هولاند آنذاك مرات عدة على ضرورة احترام وقف إطلاق النار في أوكرانيا، قبل أن تبادر فرنسا الى تسليم السفينة الأولى إلى روسيا، والذي كان مقرراً في تشرين الأول (اكتوبر) 2013. وشهدت قمة العشرين، التي عقدت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، توتراً بين موسكو والدول الغربية والولاياتالمتحدة على خلفية أزمة اوكرانيا. ووصفت الولاياتالمتحدة وبريطانيا واستراليا في حينه روسيا بزعامة بوتين بأنها تشكل «تهديداً للعالم» وترغب في استعادة «المجد المفقود لعهد القياصرة اوالاتحاد السوفياتي»، واتهمتها بالاعتداء على دولة اصغر منها في اشارة الى اوكرانيا. وبلغ الأمر حداً جعل بوتين يختصر وجوده في قمة العشرين ولا يشارك في حفل الغداء الرسمي. وخلال اللقاء الذي جمعهما، اكتفى هولاند وبوتين بتبادل عبارات مثقلة بالايحاءات وبمصافحة باردة جداً وسط وجوم واضح. ويعود تاريخ الصفقة إلى حزيران (يونيو) 2011 حين وقعت روسياوفرنسا عقداً بقيمة 1.12 بليون يورو لبناء سفينتين حاملتين للمروحيات من نوع «ميسترال» لصالح البحرية الروسية، غير أن باريس علقت تسليمهما مبررة قرارها بتطورات الأزمة الأوكرانية. وفي الخامس من آب (أغسطس) الماضي أعلن الكرملين أن الرئيسين الروسي والفرنسي قررا خلال اتصال هاتفي بينهما إنهاء عقد كانت فرنسا تلتزم بموجبه توريد حاملتي مروحيات من نوع «ميسترال» إلى روسيا. وفي 27 آب (أغسطس) الماضي توصل الطرفان الى اتفاق أعادت بموجبه فرنسا المبلغ المستحق لروسيا بالكامل، وقدره نحو 900 مليون دولار، مكون من 800 مليون يورو دفعتها روسيا مباشرة في إطار العقد الخاص بتوريد حاملتي المروحيات، و 100 مليون يورو إضافية، تعويضاً عن النفقات الروسية على تطوير مروحية «كا-52 كا» التي صممت خصيصا ل «ميسترال»، وتدريب خبراء روس على قيادة السفن من هذا الطراز، وبناء مرساة مخصصة للسفينتين في ميناء فلاديفوستوك في الشرق الأقصى الروسي. وبقي مصير حاملتي الطائرات معلقاً، إلى ان أعلنت مصر رغبتها في شرائهما مقابل 950 مليون يورو (1.06 بليون دولار). وفي العاشر من تشرين الأول (اكتوبر) الجاري وقعت مصر مع فرنسا عقد شراء حاملتي الطائرات في حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس في القاهرة. وكان مصدر في وزارة الدفاع الفرنسية أوضح أن الصفقة لا تشتمل على نقل التكنولوجيا، ولم يتخذ بعد قرار بشأن تسليح السفينتين، متوقعاً أن يتم تسليمهما إلى القوات البحرية المصرية في آذار (مارس) 2016.