لا تزال شرعية جائزة نوبل للإقتصاد التي سيعلن عن فائزها للعام 2015 غداً (الأحد) في العاصمة السويديةستوكهولم موضع جدل بعد منحها الى 75 فائزاً، لأن خبرائها يخطئون باستمرار ولا يتفقون على شيء. وستختتم هذه الجائزة والتي هي رسمياً "جائزة بنك السويد في العلوم الاقتصادية تكريماً لالفرد نوبل" موسماً منحت خلاله جائزة "نوبل" للآداب الى زفيتلانا الكسييفيتش وللسلام الى الرباعي الراعي للحوار في تونس. فهل جائزة نوبل هذه حقيقية أو مزيفة؟ ففي كل سنة نذكر أن فكرة منح جائزة لخبراء الإقتصاد لم تخطر على بال ألفرد نوبل، وأنها أُضيفت الى الجوائز الأخرى اعتباراً من العام 1969 للاحتفال بالذكرى 300 لتأسيس "البنك المركزي السويدي". ومنحت الجائزة في العام 2002 للأميركي فيرنون سميث عن "أعماله التي جعلت من التجارب المخبرية أداة للتحليل يمكن تطبيقها في مجال العلوم الإقتصادية". ويعتبر عديدون الإقتصاد من العلوم التجريبية، إلا أن الرئيس السابق للجنة الإقتصاد بيتر انغلاند، أكد على الموقع الإلكتروني لمؤسسة "نوبل" أن "الاقتصاد ليس من العلوم التجريبية". ويعكس التنوع بين العشرات لا بل المئات من المرشحين الانقسامات العميقة التي يشهدها هذا المجال. والمرشحين الأوفر حظاً لهذا العام هم أساتذة غير معروفين في جامعات أميركية مثل الأميركي الهندي الأصل افيناش ديكسيت (جامعة برينستون) والأميركي روبرت بارو (جامعة هارفارد) أو الفنلندي بينغت هولستروم (ام آي تي(. يذكر أن العلوم الإقتصادية لم تساهم في إيجاد "قوانين" مقبولة من الخبراء كافة وخصوصاً على المبدأ الذي يؤمن به قسم كبير من الخبراء، وهو أن العناصر الإقتصادية تستند الى المنطق، ويعارضه مثلاً تيار آخر يمثله حائز جائزة "نوبل" للعام 2013 روبرت شيلر. وترى أستاذة الإقتصاد في جامعة سترلينغ في اسكتلندا شيلا دو أن هذا التباين مكسب، موضحة أنه "من الأفضل أن يكون لدينا مجموعة مقاربات نستوحي منها (...) لمعالجة المشكلات الإقتصادية الجديدة". وهناك خبراء اقتصاد ينتقدون مبدأ هذه الجائزة، معتبرين أن مكافأة الباحث الأكثر إبداعاً، مبالغةً في تقدير إنجازات فكرية تجريدية بعيدة كل البعد عن الفعل الحقيقي للإقتصاد. وكتب خبير الإقتصاد الأميركي مايكل هادسون في العام 1970 أن "المشكلة مع جائزة نوبل لا تكمن في اختيار الشخص (...) لكن في كونها تختار الإقتصاد مجالاً علمياً جديراً بنيل جائزة نوبل"، مضيفاً أن المفهوم بعد 45 عاماً لا يزال "بنفس السوء" لأنه أساساً "يروج للنظرية الليبرالية كالتي تعتمد في جامعة شيكاغو". وتحسن شأن مجال الإقتصاد منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي مع تحسين النماذج الرياضية وتضخم الموازنة وعدد العاملين في الدوائر الإقتصادية في الجامعات والمكانة التي نالها الإقتصاديون في النقاش العام. لكن الرأي العام لا يزال يشكك في إنجازاتهم لعجزهم عن توقع الأزمات المالية وتقلب الأوضاع الإقتصادية أو إيجاد حلول للبطالة أو معرفة أبعاد مؤلفات حائزي جائزة نوبل للاقتصاد مثل الفرنسي جان تيرول.