استقبل سعوديون تفاصيل تفكيك الخلية الإرهابية في الرياض أخيراً بدهشة نادرة، تقاطعت أسبابها عند سيدة الخلية الفيليبينية «ليدي نانج»، التي وقفوا عندها طويلاً، ساخرين أو متعجبين أو متهكمين، حتى شغلتهم عن القصة الرئيسة، وشريكها في الخلية السوري ياسر البرازي، الذي يُعد «الأكثر خطراً». ومع أن «ليدي» لم تكن الأنثى الوحيدة التي يقبض عليها الأمن السعودي بتهمة الإرهاب، في بلد يُنظر فيه إلى المرأة بحساسية خاصة، إلا أن «العقل السائد اعتاد أن يقبض على نظيراتها هاربات من كفلائهن، أو مخالفات لقانون عمل، أما أن يكن أعضاء في تنظيم داعش الإرهابي، أو يتورطن في أنشطة إرهابية، فهذا ما استعصى استيعابه على المتندرين في شبكات التواصل الاجتماعي. لكن المواجهة الساخرة للحادثة بالتركيز على علاقة نانج بالسوري البرازي، الذي كانت تخيط له الأحزمة الناسفة بحسب ما جاء في بيان وزارة الداخلية، حرفت الاهتمام ب«نانج» إلى سخرية، يقول عضو مجلس الشورى السعودي محمد الدحيم، إنها «تفسر جانباً من السطحية الخطرة، في التعامل مع جرائم كبرى مثل خلايا تنظيم داعش». أما رواد «تويتر» الذين انشغلوا بشعر «ليدي»، وما إذا كان مصبوغاً، أم أصلياً، فأحالهم خليلها السوري إلى نبع سخرية أقتم، بعد أن قالت السلطات الأمنية، إنه أقر بأن معاونته في إعداد الأحزمة الناسفة، ليست مجرد «خادمة»، فهي إلى جانب ذلك «جارية، سباها، ثم أسلمت على يديه وتزوجها». وهكذا أطل سيل السخرية من نافذة أخرى. بيد أن أطراف في السياق نفسه، تجاوزت الحادثة إلى توظيفها في السجال الفكري، بالقول: «الآن سيقولون السوري طالب علم، والفيليبينية دارسة في جمعية تحفيظ قرآن». في إشارة إلى تقارير سابقة تناقش علاقة التعليم الديني بالإرهاب. وبدلاً من الوقوف عند الجانب المثير في الحادثة الأمنية، يقترح عضو مجلس الشورى المستشار القانوني محمد الدحيم، التركيز على «البعد الاجتماعي»، الذي رآه «غير مواكب في وعيه لنظيريه الأمني والسياسي». ويعتقد أن «القبض على امرأة بين خلايا «داعش»، مؤشر خطر، في مجتمع محافظ، لا يمكن فيه التحقق من هوية المرأة للإنسان العادي، بسبب طبيعة لباسها وغموضها، وصعوبة تمييز امرأة عن أخرى»، مردفاً أن «أسئلة إشراك امرأة من ثقافة وبلاد مختلفة في عملية إرهابية، مثل التي أحبطت، ينبغي أن تظل مفتوحة ولا تُنهى بإجابات سطحية، لا تساعد على مصارعة التنظيم المدمر». وفي وقت أشاع فيه تنظيم داعش الإرهابي، ثقافة «السبي» والجواري في العصر الحديث، لا يرى معلقون انتقال عدوى تلك الثقافة إلى أي منطقة أمراً مستغرباً، خصوصاً بعد توظيف رجال أبوبكر البغدادي التقنية في غسل أدمغة قاصرين وفتيان غربيين، ناهيك عن العرب والمسلمين.