ازدادت في الفترة الأخيرة عمليات اغتيال أشخاص اتهموا بالإرهاب لكن أُفرج عنهم لعدم كفاية الأدلة، وكذلك أقاربهم، في بلدة طوزخورماتو المضطربة في شرق محافظة صلاح الدين شمالي العراق. وتقوم بعمليات الاغتيال هذه ميليشيات نافذة في المدينة حيث تسيطر قوات «البيشمركة» و «الأسايش» الكردية وجماعات من «الحشد الشعبي» الشيعية. واستُعيد معظم محيط المدينة من قبضة تنظيم «داعش» قبل أشهر ولكن السكان السنّة اضطروا إلى الفرار نحو مركز طوزخروماتو، وعادة ما يُتهمون بالانضمام إلى الجماعات الإرهابية. وقال قائممقام طوزخورماتو، شلال عبدل، ل «الحياة» إنه «في حقيقة الأمر وقعت مثل تلك الأعمال في طوزخورماتو، وقامت بها ميليشيات وقتلت بعض السكان المحليين الذين يُعتقد تواصلهم مع إرهابيين أو أقارب إرهابيين أو مفرج عنهم لعدم كفاية الأدلة». وأضاف أن «العدد وصل لنحو 40 شخصاً على الأقل في طوزخورماتو، وأن الشرطة المحلية والقوات المسيطرة على البلدة تسعى لضبط الأمن وعدم قيام أي جماعة بتنفيذ تلك الأعمال التي هي أصلاً من اختصاص القضاء». وأكد مصدر بالشرطة ل «الحياة» أن «الميليشيات النافذة لا يمكن ردعها باعتبار أن الأمر سيدخل المدينة في مأزق قومي وطائفي لأن الميليشيات تتحدث عن دعمها من الحشد الشعبي ولا تسعى القوات الكردية لإقحام نفسها بالأمر، خصوصاً وأن المتعرضين من السكان هم من العرب السنّة وليسوا أكراداً»، مشيراً إلى أن «الشرطة المحلية لا تمتلك صلاحيات كاملة». وقال الإعلامي محمد مروان، من مدينة طوزخورماتو ل «الحياة» إن «الاغتيالات لم تتركز على المتهمين بالإرهاب فقط وإنما على نازحين أيضاً، وهو ما دفع الكثير من العوائل إلى الفرار من طوزخورماتو إلى أطرافها حيث تقع سلسلة مرتفعات غرة ليتخذوها كمساكن لهم». وأضاف أنه «ليس جميع النازحين على اتصال بداعش أو جماعات إرهابية أخرى، لكن الكثير منهم تعرضوا للاغتيال، وهو ما دفع الكثيرين منهم إلى الفرار نحو التلال وسط ظروف إنسانية قاسية». وسُجل مقتل نحو 100 شخص وجرح أكثر من 300 نازح جراء عمليات الاستهداف المتكررة في البلدة، وفق مصادر طبية بمستشفاها. وقال حميد باجيلان، مختص بشؤون الجماعات المسلحة في محافظة صلاح الدين، ل «الحياة» إن «اختصاص القضاء هو محاسبة الإرهابيين وأخذ القصاص منهم، وليس ميليشيات مسلحة لأن الميليشيات عندما تنفذ أي عمليات خارج حدود القضاء فإنها لن تختلف عن تلك الجماعات الإرهابية». وعادة ما يرفض «الحشد الشعبي» الاتهامات التي توّجه له ويعتبرها محاولات للتشويش. وقال رضا كوثر القيادي في «الحشد» ورئيس اللجنة الأمنية في مجلس طوزخورماتو المحلي، ل «الحياة» إن هذه الهجمات تطال جميع مكونات البلدة، مشيراً إلى أن «الأمر لا يتعدى كونه محاولات زرع الفتنة في المدينة، فالجميع مستهدف، والشيعة في المدينة ضد استهداف السنّة أو أي مكوّن آخر». وأضاف «سنقطع اليد التي تمتد إلى السنّة في أي مكان كان ومهما كان». وطوزخورماتو التي تبعد عن العاصمة بغداد نحو 280 كيلومتراً شمالاً تعتبر من المناطق المضطربة بشكل عام وتشهد عمليات اغتيال وتفجيرات مستمرة، وهي منطقة متنازع عليها بين السياسيين في بغداد وأربيل، إذ يسعى كل جانب إلى ضمها إليه.