لم تعد عملية تفتيش حقائب المتسوقات تثير حفيظتهن، إذ غدت أمراً «متقبلاً»، لا بل مطلب منشود لدى سيدات وفتيات يترددن على الأسواق والمجمعات، كمصدر أمن وسلامة لهن، لا سيما بعد حوادث وقعت أخيراً، تم خلالها القبض على عناصر منتمية لتنظيمات إرهابية. فيما كانت النظرة إلى «تفتيش الحقائب» باعتبارها عملية غير مستساغة، وربما مرفوضة من بعضهن، بحجة «المساس بالخصوصية والعبث في المقتنيات». وكانت مجمعات ومراكز تجارية شرعت قبل أشهر في تفتيش حقائب النساء، إثر معلومات أمنية عن اعتداءات إرهابية محتملة، تستهدف أسواقاً ومراكز تجارية في مدينة الرياض. وأبدت كثير من المتسوقات حينها تذمرهن من تفتيش حقائبهن، معتبرات ذلك «خرقاً» لخصوصيتهن. غير أن الأمر أصبح متقبلاً لديهن بعد مرور أشهر على تفعيل عملية التفتيش. وعلى رغم صعوبة ما واجهته موظفات الأمن القائمات على التفتيش في بادئ الأمر، إلا أن معظم المتسوقات أصبح لديهن الوعي الكافي أخيراً، ما جعلهن يبادرن إلى فتح حقائبهن بمجرد دخولهن أبواب المجمعات. واستشهدت المتسوقة فاطمة السعدون، بالمثل القائل «رب ضارة نافعة». وقالت ل«الحياة»: «تخوفت كثيراً ما إن علمت بتفتيش الحقائب أمام البوابات، وبعد التفكير ومع مرور الأيام وجدت أن هذه الطريقة تشعرني بالأمن، وتبعث في نفسي الراحة والاطمئنان أثناء تسوقي مع أطفالي». أما هدى فعلى رغم أنها تعي أن عملية التفتيش «باعثة للأمن». إلا أنها ترفض فكرة تفتيش الحقائب بشكل يدوي. وقالت: «لا أتقبل أن يطلع أحد على مقتنياتي وأدوات حقيبتي، حتى وإن كان الغرض الأمن والسلامة»، مطالبة بطرق أخرى «تحفظ خصوصية الحقائب الشخصية». وأوضح مصدر أمني أن شرط المناطق سارعت قبل أشهر إلى وضع خطط أمنية، بالتنسيق مع أصحاب أسواق ومراكز تجارية، للعمل على تطبيق الإجراءات الكفيلة بحماية المجمعات ومرتاديها، وذلك بإشراف مباشر من إدارات الضبط الإداري في شرط المناطق. من جهته، بين نايف الشمري، الذي يتولى إدارة الأمن في مجمع تجاري شهير في مدينة الرياض أن «تفتيش حقائب النساء المتسوقات تم بتنسيق مع شرطة منطقة الرياض، طُلب منا التدقيق والتفتيش كاحتراز أمني على جميع مرتادي مواقع التسوق»، مشيراً إلى أن التفتيش لم يقتصر على النساء، بل يمتد إلى الرجال الملفتين للنظر في هيئة الملابس، ونحوها. وأضاف الشمري: «عينّا موظفات متدربات مختصات في الكشف على محتويات الحقائب وعربات الأطفال، في حين يتم الكشف على جسد المرأة بواسطة أجهزة إلكترونية حساسة، تكشف المواد المعدنية خلال تمريرها على الجسم في حال الاشتباه فيها، خصوصاً اللاتي يرتدين عباءات واسعة على الرأس». وعن الحالات التي واجهوها خلال حملة التفتيش، ذكر الشمري أنهم وجدوا «مسدساً في حقيبة سيدة، إذ استدعي الأمن، وتبين أنه مرخص. كما ضبطنا رجلاً متنكراً في زي امرأة، يرتدي عباءة نسائية وتم القبض عليه. في حين طُردت امرأة من مجمع تجاري، إذ اشتبه الأمن فيها، ولكنها رفضت الخضوع إلى التفتيش، مهددة باستدعاء زوجها». وقال: «في سبيل الحفاظ على أمن وسلامة جميع المتسوقين لا نمانع من طرد امرأة مثيرة للشبهة». وذكرت موظفة تفتيش النساء (لم تفصح عن اسمها) أن عدداً كبيراً من زائرات الأسواق لم يبالن وقتها بأهمية الكشف على حقائبهن، مضيفة أن «بعضهن لا يتجاوبن إلا بوجود رجل أمن، فيما البعض الآخر رفضن التفتيش، خصوصاً من فئة المراهقات، متذرعات بعدم وجود مواد ممنوعة في حقائبهن». وأشارت إلى أنها عثرت مرات عدة على «مقصات وأسلحة بيضاء بحوزتهن، مرجعات سبب حملها إلى خوفهن من سائق الأجرة، ووجودها معهن يشعرهن بالأمان والدفاع عن النفس. بينما بررت أخريات وجودها معهن إلى «أطفالنا هم من وضعها داخل حقائبنا خلال لعبهم ولهوهم». من جانبها، اقترحت ميعاد (موظفة أمن) «وضع موظفتي أمن عند كل بوابة مجمع، لتخفيف الضغط الواقع على الموظفة الواحدة، خصوصاً أيام نهاية الأسبوع». وأضافت: «يفضل استبدال عملية التفتيش اليدوية بالأبواب الإلكترونية، ما يجعل مفتشة الحقائب لا تُستدعى إلا للضرورة»، لافتة إلى أن «حقائب معظم المتسوقات تكتظ بأغراض ومقتنيات عدة، ما يصعب الكشف على محتوياتها بصورة سريعة أمام كثافة ولوج الزائرات عند البوابة». وأشارت ميعاد إلى أن جميع العاملات في التفتيش واجهن «صعوبات كبيرة في إقناع المتسوقات بالكشف على حقائبهن خلال الأسابيع الأولى من بداية تنفيذ إجراءات التفتيش الاحترازية. فيما لا يزال قلة منهن لا يرغبن في ذلك».