في فمي ملحٌ وماء تحتي رملٌ وملحٌ وماء موجةٌ غريبة عانقَتني قالت إنها أمي وتركَتني بلا غطاء: «غطائي رطبٌ يا ولدي وابتسامتك حميمة، غطائي مالحٌ ووجهك قالبُ حلوى شموعه ثلاث». صوتُ أمي بلّلَه غناءُ النورس صارَ نشيدَ الأناشيد. لِم ابتعدتِ يا كوباني؟ كيف نمتِ يا عين العرب، وسريري رمليّ تميدُ تحته أرضٌ غرقى؟ كيف غفوتِ يا كوباني وبين جفنَيكِ مدينة؟ على شاطئ بودروم بحثتُ عن الينابيع حليبٌ كثير هناك، قالوا بطعم فرَس البحر بلون قناديل البحر هلاميٌّ كحلم الأطفال. على شاطئ بودروم غفوتُ طويلاً في صَدَفة، دفءٌ في بيتي الصغير «وريحانة» في صقيع الزورق. لم يجدوني، بحَث العربُ عن اللؤلؤ ولم يجدوني. بحث العرب في القعر وجدوا النِفطَ، ولم يجدوني. وجدوا حوريةً في حطام سفينة الجنّة، ولم يجدوني. القعرُ عميقٌ يا أبي كَبئر يوسف يا أبي وقميصي طائرةٌ ورقية. أيقظَتني سمكةٌ ملوّنة لنلعبَ لعبةَ البحر والسماء: «اركض إلى الشاطئ يا إيلان اركض على جسر الماء». أَركضُ على الصوت المبلّل أزرقان وسريرُ رملٍ وفي فمي ملحٌ وماء. مشى البحر في أَورِدتي وفي شرايين اللوتس، علِقت أمّي الموجة في وريد البارئ، عبقتْ رائحة الورد المقصول، والأسطورة يا أبي تقول إنّ الموجةَ أمُّ العالم والبحر دموع البارئ. مشى البحر في جنازة عائلة الغيم والأسطورة يا أبي تقول في البدء كنتَ الكلمة والكلمة صارت زبَداً، الزبَدُ صار رثاءً حمل المحارة على راحتيه في موكب الغيم. حذائي ضيّقٌ يا أبي بِضيق هذا العالم، انتعلتُ البحرَ ومشيت على عطر الورد المقصول وفي فمي ملحٌ وماء، وفي الحذاء ضيق السماء.