خصت صحيفة لوموند الفرنسية (ملحق «ثقافة وأفكار») الروائي اللبناني الياس خوري بصفحة ضمت حواراً طويلاً معه حول الظروف الراهنة في لبنان ونظرته إليها ومقاربته للحراك الشعبي. وأشار الصحافي الفرنسي بنجمان بارت، إلى أن خوري «صاحب تاريخ روائي طويل. تُرجمت أعماله إلى لغات أجنبية كثيرة، منحته شهرة عالمية». واعتبر أن «اسم الياس خوري لم يرتبط بالحركة الثقافية اللبنانية والعربية فحسب، وإنما كان له حضور سياسياً، على اعتبار أنه يساري عتيق التزم بالدفاع عن القضية الفلسطينية على مدار عقود. واللافت أنّ التزام خوري بالقضايا السياسية والوطنية لم يخفت مع الأيام، بل إنّه كان من بين مجموعة مفكرين دعموا وشاركوا في حملة «طلعت ريحتكم» الشعبية التي ظهرت أواخر تموز (يوليو) 2015 ضدّ نظام الحكم الراهن في لبنان». وفي الحوار، قدم خوري أفكاره حول النظام الطائفي في لبنان وإمكان تغييره بآخر علماني، وعن أمله بتنفيذ مطالب الحركات الشبابية المطالبة بالتغيير. وعن مشاركته في تظاهرة «طلعت ريحتكن» والميزة التي تطبع هذه الحركة وسواها، قال خوري إن «أهمّ ما يُميز هذه التظاهرات الأخيرة في مدينة بيروت أنها قد تنجح في أن تُوافق بين الشباب اللبناني وبين بيروت، وبين البلد ككلّ. الشباب من كل الطوائف يجتمعون معاً في الشارع. يهتفون بصوت واحد ضدّ نظام واحد. صراخهم يشمل كلّ الزعماء. انتقدوا نبيه برّي (رئيس المجلس النيابي ورئيس حركة «أمل» ) وميشال عون (رئيس حركة «التغيير والإصلاح» )، وسمير جعجع (رئيس حزب «القوات اللبنانية»)، ووليد جنبلاط (رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي»)، حتى حسن نصرالله (الأمين العام ل «حزب الله») لم يسلم من انتقاداتهم. شباب «طلعت ريحتكم» والحركات الأخرى وضعوا الإصبع على جرح عميق وموجع. ولكن هل تتحول هذه الروح الرائعة في تلقائيتها إلى مشروع سياسي؟ لا أدري. ولكن لديّ أمل كبير». وحين سأله مراسل «لوموند» عن قصده في معنى الموافقة بين الشباب وبيروت، أجاب خوري: «كانت بيروت دوماً مدينة ذات رمزية خاصة، عاصمة للثقافة والحرية، على سلّم الوطنية والمناطقية والعالمية. ولكن منذ اتفاق الطائف، عام 1989، أخذت هالة بيروت تتراجع. إعمار بيروت كان فيزيقياً أو شكلياً، وليس روحياً. بيروت صارت عاصمة رجال الأعمال والسياح من دول الخليج، ومساحة تعبر عن فوضى سياسية. وجدنا أنفسنا مدفونين مع نفايات الطبقة الحاكمة. صرنا نشعر كأننا أغراب في مدينتنا نفسها. إحساس بالقرف، والتهميش». وأضاف: «ثمة توزيع للثروات الوطنية على مختلف الأحزاب والقيادات التي تتصرّف كما المافيا. فلننظر إلى التعليم الرسمي في لبنان. حالة يُرثى لها». وقال: «هل اليسار اللبناني أخطأ؟ نعم، أكيد. أسوأ أخطائه عدم إصراره على تنفيذ مشروعه في العلمانية. اليسار اللبناني أوّل من قاوم ضد إسرائيل، لكنّ التجربة دمّرت بعدما أُلصقت المقاومة بحزب الله فقط، وهذا ما أراده السوريون».