على رغم تغيير اليونان رئيس وزرائها غير مرة، فهي لا تسجل أي تقدم حيال مسألة حل أزمتها المالية التي تسوء أكثر فأكثر. في الحقيقة، لا يكترث دائنو اليونان، اليوم، بمدى قدرتها أم برغبتها في البقاء داخل منطقة اليورو. همهم الوحيد يكمن في كيفية استرداد أموالهم التي منحوها «موقتاً» إلى حكومة أثينا. ويُعتبر صندوق النقد الدولي قاعدة المساعدات المالية بامتياز لليونان. فما تفعله إدارة الصندوق ليس إلا جمع الأموال من دول غربية وإعطاء اليونان إياها على شكل «ديون». ومع أن خبراء الصندوق يعدون الدول الأعضاء بأنها لن تواجه خسائر، في حال لم تنجح اليونان في تسديد ديونها، من الواضح أن احتمال عدم استرداد هذه الديون اتخذ منحى خطراً، خصوصاً بعدما أخفقت حكومة أثينا في تحقيق الإصلاحات المالية والإقتصادية المطلوبة. ويقدّر خبراء سويسريون المبلغ الكلي لمساعدات صندوق النقد لليونان، بنحو 22 بليون يورو، من بينها 1.4 بليون يورو من المصرف المركزي السويسري. وبغض النظر عن المساعدات المالية السويسرية العاجلة لليونان ومجموعها 323 مليون فرنك سويسري، يُمكن القول أنها تستأثر بنحو 10 في المئة من موازنة الصندوق المخصصة لحكومة أثينا. كما تستأثر هذه المساعدات بنحو 0.5 في المئة من الناتج القومي السويسري. لا شك في أن صندوق النقد لم يمنح حكومة أثينا الأموال من دون مقابل، فالمسألة بعيدة من أي آلية تضامن بما أن الصندوق له كيان مالي مستقل ويتصرف كأنه مصرف حقيقي. لذا، كلما تأخرت اليونان في تسديد فوائدها زادت الفوائد على الديون التي منحها إياها. واللافت في الأمر أن زيادة الديون على اليونان تضطرها لزيادة إصدارات سندات الخزينة لجمع الأموال من المستثمرين. وفي حال خرجت من منطقة اليورو، لا يستبعد المحللون السويسريون أن يطالب صندوق النقد حكومة أثينا بتسديد الديون مع تطبيق فوائد عليها، قد تتراوح بين 60 و80 في المئة بما أن جزءاً كبيراً من الموازنة السنوية للصندوق بات «محجوزاً» لمصلحة اليونان. صحيح أن سويسرا تنوي مساعدة دولة أوروبية، كاليونان، في حل مشاكلها المالية لكن هذا الأمر بدأ يولد دوامة انقسامات داخل الطبقتين السياسية والإقتصادية السويسريتين. على سبيل المثل، تتجه التيارات اليمينية نحو مطالبة اليونان ببيع بعض جزرها مجاناً إلى سويسرا، ما يولد متنفساً سياحياً اقتصادياً لرجال الأعمال السويسريين الذين سيتحركون لإدارة هذه الجزر وفقاً لخططهم الخاصة. يذكر أن الثمن المعروض لبيع كل جزيرة من الجزر اليونانية يصل إلى نحو 40 مليون يورو. لكن إدارة هذه الجزر في الشكل التجاري الصحيح من رجال أعمال سويسريين قد تدر أضعاف هذا المبلغ في فصل صيف واحد.