خصص رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو جزءاً كبيراً من كلمته في الاجتماع التحضيري لمجموعة الدول العشرين في أنقرة، للحديث عن أزمة اللاجئين السوريين، داعياً الغرب إلى «تحمُّل مسؤولية أكبر تجاه هذه المأساة». بنى داود أوغلو كلمته على صورة الطفل السوري الذي رمى البحر جثته على شواطئ بودروم التركية، وكانت التقطتها وكالة أنباء ضوغان التركية، وكذلك على صور وأشرطة لآلاف من اللاجئين السوريين على الحدود الصربية والهنغارية والتي تناقلتها عدسات الإعلام العالمي. لكن داود أوغلو الذي استعان بجهد الإعلام التركي والدولي وصوره لتوجيه اللوم الى الغرب والاتحاد الأوروبي، رفض التعليق على تصعيد حكومته حملتها على وسائل الإعلام المحلية المعارضة، بمباركة من الرئيس رجب طيب أردوغان. ودفع ذلك 180 من أبرز الصحافيين والإعلاميين المعارضين إلى توقيع عريضة بعنوان «ألمانيا هتلر 2015»، تدعو وسائل الإعلام المنتقدة والمعارضة لحكومة «حزب العدالة والتنمية» والرئيس أردوغان، إلى التكاتُف في مواجهة «الحملة التي تشبه ما فعله نازيو هتلر في ألمانيا، عندما أسكتوا كل صوت معارض، للتمهيد لحكم الرجل الواحد المطلق». الحملة جاءت بعد دهم قوات مكافحة الإرهاب مقر الشركة القابضة التي تتبع لها صحف بوغون ومللات، وقناتا ترك وبوغون، وكلها مقربة من جماعة الداعية المُعارِض فتح الله غولن. وعلى رغم غياب الوفاق بين الإعلام المعارِض وإعلام غولن بسبب تحالفه السابق مع أردوغان ودوره في التحريض على محاكمة العسكر والأتاتوركيين، إلا أن بيان الصحافيين والإعلاميين المعارضين أشار الى ضرورة التكاتف وعدم السماح لأردوغان بالاستفراد بكل مجموعة إعلامية على حدة، لأن الدور آتٍ على البقية. كما صدرت صحيفة «سوزجو» المُعارِضة الأربعاء الماضي بالصور فقط، من دون أي كلمة تحت عنوان «إسكات سوزجو هو إسكات لكل تركيا». وهذه خطوة احتجاجية على العدد الكبير من القضايا التي ترفعها الحكومة والقصر الرئاسي ضد الصحيفة «مستخدمَيْن سلاح القضاء والتعويضات المالية، من أجل ضرب تمويل أكثر الصحف التركية توزيعاً». وأشارت «سوزجو» الى أن دعاوى التعويض ضدها تحسم بسرعة فيما تُرفَض أو تُهمَل الدعاوى التي تقدّمها الصحيفة ضد الإعلام الموالي للحكومة الذي يكيل الشتائم والاتهامات للعاملين في الصحيفة، ويشهّر بهم. وفيما يحاكم الآن رئيس تحرير صحيفة «جمهورييت» جان دوندار، بتهمة التجسُّس لنشره صور الأسلحة التي كانت الحكومة تسعى إلى تهريبها الى المقاتلين في سورية، بدأ تحقيق آخر يستهدف أرطغرل أوزكوك رئيس التحرير السابق ل «حرييات» أكبر الصحف التركية، بعد كتابته مقالاً تحدّث فيه عن «الطاغية الديكتاتور»، إثر اشتباه أجهزة الأمن بأن المقصود في المقال هو أردوغان! لذلك اضطر صاحب الجريدة لوقف مقالاته. ويتهم الإعلام المعارض حكومة داود أوغلو وأردوغان، بوضع مخطط لإسكاته قبل الانتخابات التشريعية مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، إما من خلال تلفيق اتهامات أمنية وإما الضغط من خلال العقوبات المالية أو أحكام التعويض المالي المبالغ فيها. كما تتوقع الصحف المُعارضة وضع كل وسائل الإعلام المقرّبة من غولن «تحت الوصاية»، حتى الانتهاء من التحقيقات في شأن التُّهم الموجّهة إليها.