لم أشأ أن أكتب عن تعيين وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء بقرار ملكي، لاقى تأييداً واسعاً في أوساط الشعبين السعودي والعربي أيضاً، إلى أن تهدأ حالة توافد المحبين لهذه الشخصية الوطنية الفذة، التي دأبت دوماً أن يكون الإسلام والعدل منهاجاً لها في السلطة، وأخرت «أنا» التهنئة الشخصية للأمير نايف متعمداً لكي تهدأ أيضاً عاصفة التهنئة التي أطلقت من شرق المملكة إلى غربها، ومن أقصى الشمال إلى وسط الجنوب، فجميع المواطنين تفاعلوا مع هذا القرار الحكيم، وحرص «ممثلوهم» بأن يحضروا ويتوافدوا من أرقاع هذا الوطن الجميل، ومن مناطق ومدن المملكة كافة من دون استثناء إلى مقر وزارة الداخلية «العين الساهرة»، وألسنتهم تلهج بالحديث والتهنئة عن قرار منتظر ومسؤول أصدره المليك، لأنه يعرف ويدرك من يشغل هذا المنصب الكبير. وأبرز ما شاهدته أنا داخل الوزارة هو جموع المهنئين الذين يتوافدون على مكتب الأمير، وهو بكل تواضع يرد لهم شكرهم وثناءهم ويتحاور معهم عن تطلعات القيادة تجاه تحقيق متطلبات المواطن، وكان مخلصاً لوطنه ومواطنيه بما تعنيه الكلمة، وكان محباً لمن أتوا له ولمن تعذر وصولهم له، لأن مقاصد الجميع واحدة وواضحة للأعين على ملء مسامع ومرأى أجهزة التلفاز، التي كانت تعج هي الأخرى بقوافل المهنئين. تعيين الأمير الكبير كان حدثاً مهماً في حياة المواطن السعودي البسيط، وكان مهماً أيضاً اكتمال العقد المضيء للقيادة، وكان ينم عن قرار جاء في الوقت المناسب، وجاء ليكمل ما نهج عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز من جهود بناءة متواصلة للعمل في مشروع لا ينتهي، وهو مشروع «الوطن والمواطن». ومن أجمل ما شاهدته أيضاً وأسعدني كثيراً هي الزيارات التي قام بها أبناء الوطن من الطائفة «الشيعية» من أنحاء المنطقة الشرقية وغيرها وزاروا الأمير الإنسان في مكتبه مهنئين له بالمنصب الذين يفتخرون به ويسعدون له كثيراً، على رغم ما يثار في الخارج من جهات حاقدة على تواصل المواطن وقيادته التي تبث الحديث المغرض بأن هناك فرقة بين القيادة والشعب في المملكة، وأن هناك بُعداً بينهما، ولكن «المواطن» من دون شك يدرك أهدافها ومقاصدها. لقد أسعدني حديث كثير من المواطنين الذين زاروه وقالوا إن الأمير نايف يستحق هذا التكريم وهذا المنصب، لأنه المسؤول القريب من الجميع وهو المسؤول الذي ينصر المواطن ويقف في صفه ويكره دوماً أن تكون علاقة المواطن والمسؤول علاقة فتور وجمود، بل يتمنى أن يكون المسؤول أجيراً لدى المواطن، كونه وضعت له المسؤولية والسلطة ليكون خادماً له يقدم الخدمة من دون تمييز أو تعطيل. وللأمير نايف جوانب عدة لا تُخفى ولا تُجحد، فهو مهندس الحرب على الإرهاب، وهو مخطط استراتيجية الأمن التي نعيشها ونحيا بها في كل دقيقة، لأنه يستمد الدعم من الله عز وجل ثم من قدرات رجاله المخلصين في ميادين العمل، والأمير جَنّب هذه البلاد مخاطر عدة، وأبعدها عن التيارات الطائفية والعنصرية، وأزال الفكر الخاطئ والمتهور الذي ما كان يقف على قدميه إلا وسقط، لأن «الأمير» يؤمن بشخصه أن لا مجال للتفرقة والتمييز، ولا للإرهاب في هذا البلد المتراص، الذي يؤمن مواطنوه أنهم سواسية لا فرق بين هذا وذاك في زمن انفلتت فيه قيود الكرامة والعزة. وللأمير نايف مزايا إسلامية واضحة، فهو حامي الأمن والإنسان في موسم الحج السنوي، الذي يكتظ فيه ملايين البشر في وقت ومكان واحد، لتدار هذه الحشود بكل اقتدار وطمأنينة من دون أي حدث يعطل توجههم أو يعكر صفوهم أثناء تأديتهم فريضة المولى بكل طمأنينة، ولا زلت أتذكر حديث مفكر عربي أدى فريضة الحج ثم تحدث عن المسؤول عن أمن الحج وإدارة رجال الأمن، فقال الأمير نايف «صمام الأمان» في جسد السعودية. ولن أنسى عندما قال الأمير نايف بعد تعيينه بهذا المنصب وفي حوار ل«الحياة»: إنه «لا يوجد من هو على اتصال ومعرفة بحال المواطنين أكثر من قيادتنا، وهي سنة سنها الملك عبدالعزيز، يرحمه الله، ومن ثم تبعه الملوك أبناؤه سعود وفيصل وخالد وفهد، رحمهم الله جميعاً، والآن ينفذها خادم الحرمين وولي عهده. وأنا واثق تماماً أنهم أكثر معرفة بظروف مواطنيهم، سواء كانوا من البادية أو الحاضرة، وأنهم أكثر معرفة من أي مسؤول في الدولة، وهذا أكبر دلالة على تلاحم القيادة مع أبناء شعبها، على رغم أننا نعرف أنه في بعض الدول الأخرى يتأخر المواطن البسيط لوقت كثير عندما يريد أن يقابل مسؤولاً أو حاكم البلاد ويشترط عليه مواعيد وخلافه، أما لدينا في السعودية، ولله الحمد، يقرر المواطن ثم يذهب بالوقت نفسه ويستقبله الملك أو ولي العهد، وهذا شيء نحمد الله عليه ونرجو استمراره.